كان أيضاً لا يدع مجالاً للنفاق والادعاء والكذب، بل كان دائماً يضع حداً فاصلاً بين الحق والباطل، ولا يقبل مداهنة ولا مجاملة، وكان مرة في مجلسه، فتذاكر بعض الناس مآثر عمر، وهو جالس معهم، فقال بعضهم:(والله! ما رأينا رجلاً أقضى بالقسط ولا أقول بالحق، ولا أشد على المنافقين منك يا أمير المؤمنين! فأنت خير الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: عوف بن مالك -وكان يعلم من عمر عدم حبه للنفاق والمراءاة والمداهنة-: (كذبتم؛ إني قد رأيت بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم خيراً من عمر أبا بكر رضي الله عنه)، فماذا قال عمر في مثل هذا الموقف، وهو أمير المؤمنين يمدح، ثم يأتي من يقوِّم المدح ويرد ما كان فيه من باطل؟ قال:(صدق عوف، وكذبتم، والله! لـ أبو بكر أطيب من ريح المسك وإني أضل من بعير أهلي)، أي: يوم كان قد أسلم كنت لا زلت بعد في الجاهلية، فهذه بعض معالم المسئولية في سيرة عمر رضي الله عنه.
نسأل الله عز وجل أن يجعلنا ممن يتحملون الأمانة حق التحمل، ويقومون بكل ما استرعانا الله عز وجل فيه من المسئولية؛ إنه ولي ذلك والقادر عليه.