ذَلِكَ مِنَ الأَحَادِيْثِ الوَارد ظَاهِرُهَا بِمَا أَحَاله العَقْلُ.
إِلَى أَنْ قَالَ: فَإِذَا كَانَتِ العِصْمَةُ غَيْرَ مَقْطُوْع بِهَا فِي حقِّ الوَلِي، فَلاَ وَجه لإِضَافَة مَا لاَ يَجُوْزُ إِطلاَقُهُ إِلَيْهِ، إِلاَّ أَنْ يَثْبُتَ، وَتَدعُو ضَرُوْرَةٌ إِلَى نَقله، فَيَتَأَوّل.
إِلَى أَنْ قَالَ: أَلاَ تَرَى لَوْ أَنَّ مُصَنِّفاً أَخَذَ يَحكِي، عَنْ بَعْضِ الحشويَة مَذْهَبَه فِي قِدَمَ الصَّوتِ وَالحرف، وَقِدَمَ الوَرَقِ، لَمَّا حَسُنَ بِهِ أَنْ يَقُوْل: قَالَ بَعْضُ الْمُحَقِّقين: إِنَّ القَارِئَ إِذَا قرَأَ كِتَابَ اللهِ، عَادَ القَارِئُ فِي نَفْسِهِ قديماً بَعْدَ أَنْ كَانَ مُحْدَثاً، أَوْ قَالَ بَعْضُ الحذَاق: إِنَّ اللهَ مَحَلٌّ لِلْحوَادث، إِذَا أَخَذَ فِي حِكَايَة مَذْهَب الكَرَّامِيَّةِ.
وَقَالَ قَاضِي الجَمَاعَة أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ حَمْدين القُرْطُبِيّ: إِن بَعْضَ مَنْ يَعِظُ مِمَّنْ كَانَ يَنْتَحِلُ رسمَ الفِقْه، ثُمَّ تَبرَّأَ مِنْهُ شغفاً بِالشِّرعَة الغزَّاليَة، وَالنِّحلَة الصُّوْفِيَّة، أَنشَأَ كُرَاسَةً تَشْتَمِلُ عَلَى مَعْنَى التعصُّب لِكِتَابِ أَبِي حَامِد إِمَام بِدعتِهِم، فَأَيْنَ هُوَ مِنْ شُنَعِ مَنَاكِيْره، وَمَضَاليلِ أَسَاطيرِهِ المُبَاينَة لِلدِّين؟! وَزَعَمَ أَنَّ هَذَا مِنْ علم المعَامِلَة المُفضِي إِلَى علم المكَاشفَة الوَاقع بِهِم عَلَى سِرِّ الربوبيَة الَّذِي لاَ يُسفِر عَنْ قِنَاعِهِ، وَلاَ يَفُوزُ بِاطِّلاعه إِلاَّ مَنْ تَمَطَّى إِلَيْهِ ثَبَج ضَلاَلَته الَّتِي رفع لَهُم أَعْلاَمَهَا، وَشرع أَحكَامَهَا.
قَالَ أَبُو حَامِدٍ: وَأَدْنَى النصِيْبِ من هَذَا العِلْم التَّصديقُ بِهِ، وَأَقلُّ عُقُوبَته أَنْ لاَ يُرْزَقَ المُنْكِرُ مِنْهُ شَيْئاً، فَاعرض قَوْله عَلَى قَوْلِهِ، وَلاَ يَشتغِلُ بقِرَاءة قُرْآن، وَلاَ بِكَتْبِ حَدِيْثٍ، لأَنَّ ذَلِكَ يَقْطَعُهُ عَنِ الْوُصُول إِلَى إِدخَال رَأْسه فِي كُمِّ جُبَّته، وَالتَّدثر بِكسَائِهِ، فَيسْمَع نِدَاءَ الحَقِّ، فَهُوَ يَقُوْلُ: ذرُوا مَا كَانَ السَّلَفُ عَلَيْهِ، وَبَادِرُوا مَا آمُرُكُم بِهِ، ثُمَّ إِنَّ هَذَا القَاضِي أَقذَع، وَسَبَّ، وَكفَّر، وَأَسْرَفَ، نَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الهَوَى.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute