ثم قال أبو سفيان: يوم بيوم بدر، ويوم لنا ويوم علينا ويوم نساء ويوم نسر، حنظلة بحنظلة، وفلان بفلان، وفلان بفلان. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا سواء، أما قتلانا فأحياء يرزقون، وقتلاكم في النار يعذبون، قال أبو سفيان: قد كانت في القوم مثلة وإن كانت لعن غير ملامنا، ما أمرت ولا نهيت، ولا أحببت ولا كرهت، ولا ساءني ولا سرني. قال: فنظروا فإذا حمزة قد بقر بطنه، وأخذت هند كبده فلاكتها فلم تستطع أن تأكلها. فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: أأكلت منه شيئا؟ قالوا: لا. قال: ما كان الله ليدخل شيئا من حمزة النار، فوضع رسول الله، صلى الله عليه وسلم، حمزة فصلى عليه، وجئ برجل من الانصار، فوضع إلى جنبه فصلى عليه. فرفع الأنصاري وترك حمزة. ثم جئ بآخر فوضعه إلى جنب حمزة فصلى عليه، ثم رفع وترك حمزة حتى صلى عليه يومئذ سبعين صلاة ". وعن عبد الله بن الزبير، أحرجه الطحاوي في " شرح معاني الآثار " ١ / ٢٩٠ وسنده جيد. وعن جابر عند الحاكم ٢ / ١١٩ - ١٢٠، وعن شداد بن الهاد أخرجه النسائي ٤ / ٦٠ - ٦١ في الجنائز: باب الصلاة على الشهداء، والطحاوي في " شرح معاني الآثار " ١ / ٢٩١ وإسناده صحيح. صححه الحاكم ٣ / ٥٩٥ - ٥٩٦. (١) قال ابن القيم، رحمه الله، في تهذيب السنن ٤ / ٢٩٥: والصواب في المسألة أنه مخير بين الصلاة عليهم وتركها لمجئ الآثار لكل واحد من الامرين. وهذه إحدى الروايات عن الامام أحمد، وهي الاليق بأصوله ومذهبه. (٢) أخرجه أحمد ٤ / ١٤٩، ١٥٣، والبخاري (١٣٤٤) في الجنائز: باب الصلاة على الشهيد، و (٣٥٩٦) في المناقب: باب علامات النبوة في الإسلام، و (٤٠٤٢) في المغازي: باب غزوة أحد، و (٤٠٨٥) فيه: باب أحد جبل يحبنا ونحبه، و (٦٤٢٦) في الرقاق: باب ما يحذر من زهرة الدنيا والتنافس فيها، و (٦٥٩٠) في الرقاق: باب في الحوض، ومسلم (٢٢٩٦) في الفضائل: باب إثبات حوض نبينا محمد، صلى الله عليه وسلم، وصفاته، والنسائي ٤ / ٦١ - ٦٢ إلى قوله " وأنا شهيد عليكم ". ونص مسلم من طريق وهب بن جرير، قال: سمعت يحيى بن أيوب يحدث عن يزيد بن أبي حبيب، عن مرثد، عن عقبة بن عامر قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، على قتلى أحد، ثم صعد المنبر كالمودع للاحياء والاموات فقال: " إني فرطكم على الحوض، وإن عرضه كما بين أيلة إلى الجحفة، إني لست أخشى عليكم أن تشركوا بعدي، ولكني أخشى عليكم الدنيا أن تنافسوا فيها وتقتتلوا، فتهلكوا كما هلك من كان قبلكم ". قال عقبة: فكانت آخر ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر.