للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَلِيَ حُذَيْفَةُ إِمْرَةَ المَدَائِنِ لِعُمَرَ، فَبَقِيَ عَلَيْهَا إِلَى بَعْدِ مَقْتَلِ عُثْمَانَ، وَتُوُفِّيَ بَعْدَ عُثْمَانَ بِأَرْبَعِيْنَ لَيْلَةً.

قَالَ حُذَيْفَةُ: مَا مَنَعَنِي أَنْ أَشْهَدَ بَدْراً إِلاَّ أَنِّي خَرَجْتُ أَنَا وَأَبِي، فَأَخَذَنَا كُفَّارُ قُرَيْشٍ، فَقَالُوا: إِنَّكم تُرِيْدُوْنَ مُحَمَّداً!

فَقُلْنَا: مَا نُرِيْدُ إِلاَّ المَدِيْنَةَ.

فَأَخَذُوا العَهْدَ عَلَيْنَا: لَنَنْصَرِفَنَّ إِلَى المَدِيْنَةِ، وَلاَ نُقَاتِلُ مَعَهُ.

فَأَخْبَرْنَا النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: (نَفِيْ بِعَهْدِهِمْ، وَنَسْتَعِيْنُ اللهَ عَلَيْهِم (١)) .

وَكَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدْ أَسَرَّ إِلَى حُذَيْفَةَ أَسْمَاءَ المُنَافِقِيْنَ، وَضَبَطَ عَنْهُ الفِتَنَ الكَائِنَةَ فِي الأُمَّةِ (٢) .

وَقَدْ نَاشَدَهُ عُمَرُ: أَأَنَا مِنَ المُنَافِقِيْنَ؟

فَقَالَ: لاَ، وَلاَ أُزَكِّي أَحَداً بَعْدَكَ (٣) .

وَحُذَيْفَةُ: هُوَ الَّذِي نَدَبَهُ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَيْلَةَ الأَحْزَابِ لِيَجُسَّ لَهُ خَبَرَ العَدُوِّ (٤) ، وَعلَى يَدِهِ فُتِحَ الدِّيْنَوَرُ (٥) عَنْوَةً.

وَمَنَاقِبُهُ تَطُوْلُ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-.

أَبُو إِسْحَاقَ: عَنْ مُسْلِمِ بنِ نُذَيْرٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ: أَخَذَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-


(١) أخرجه مسلم في " صحيحه " (١٧٧٨) في الجهاد: باب الوفاء بالعهد من طريق أبي بكر ابن أبي شيبة، عن أبي أسامة، عن الوليد بن جميع، عن أبي الطفيل، عن حذيفة وهو في " المسند " ٥ / ٣٩٥، وانظر " المستدرك " ٣ / ٣٧٩، والطبراني رقم (٣٠٠٠) و (٣٠٠١.
(٢) انظر " البخاري " ١٣ / ٤٠، ٤١ في الفتن، ومسلم (١٤٤) والترمذي (٢٢٥٩) .
(٣) نسبه في " الكنز " ١٣ / ٣٤٤ إلى رستة.
(٤) أخرجه مسلم (١٧٨٨) في الجهاد: باب غزوة الاحزاب، والطبراني في " الكبير " (٣٠٠٢) وابن سعد ٢ / ٦٩، وأبو نعيم ١ / ٣٥٤.
(٥) " أسد الغابة " ١ / ٤٨٦، ودينور: مدينة من أهم مدن الجبال قرب قرميسين، بينها وبين همذان نيف وعشرون فرسخا.