(٢) هذا الأسلوب من المدح والاطراء تنبو عنه أذواق أهل العلم، ولا يرتضونه، فإنه في حين يرفع شأن ممدوحه ويعلي من قدره يبخس حق الآخرين ويحط من أقدارهم، وربما يكونون أعلى كعبا وأرفع منزلة من ممدوحه، ويغلب على ظني أن الشافعي رحمه الله لو سمع مقالة ابن خزيمة هذه لاوسعه عتبا وذما، أليس هو الذي يقول للامام أحمد - كما تقدم في الصفحة (٣٣) - أنتم أعلم بالاخبار الصحاح منا، فإذا كان خبر صحيح، فأعلمني حتى أذهب إليه، كوفيا كان، أو بصريا، أو شاميا. وروى ابن أبي حاتم عن أبيه قال: أحمد بن حنبل أكبر من الشافعي، تعلم الشافعي أشياء من معرفة الحديث من أحمد بن حنبل، وكان الشافعي فقيها، ولم تكن له معرفة بالحديث، فربما قال لأحمد: هذا الحديث قوي محفوظ؟ فإذا قال أحمد: نعم، جعله أصلا، وبنى عليه.