للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَلأَبِي عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ البُوْشَنْجِيِّ فِي الشَّافِعِيِّ:

وَمِنْ شُعَبِ الإِيْمَانِ حُبُّ ابْنُ شَافِعٍ ... وَفَرْضٌ أَكِيدٌ حُبُّهُ لاَ تَطَوُّعُ

وَإِنِّيْ حَيَاتِي شَافِعِيٌّ فَإِنْ أَمُتْ ... فَتَوْصِيَتِي بَعْدِي بِأَنْ يَتَشَفَّعُوا (١)

قَالَ الإِمَامُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ غَانِمٍ فِي كِتَابِ (مَنَاقِبِ الشَّافِعِيِّ) لَهُ، وَهُوَ مُجَلَّدٌ: جَمَعْتُ دِيْوَانَ شِعْرِ الشَّافِعِيِّ كِتَاباً عَلَى حِدَةٍ.

ثُمَّ إِنَّهُ سَاقَ بِإِسْنَادٍ لَهُ إِلَى ثَعْلَبٍ، قَالَ: الشَّافِعِيُّ إِمَامٌ فِي اللُّغَةِ.

قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ بنُ عَدِيٍّ الحَافِظُ (٢) : سَمِعْتُ الرَّبِيْعَ مرَاراً يَقُوْلُ: لَوْ


(١) " مناقب الشافعي " للبيهقي ٢ / ٣٦٢.
وهكذا نجد كل تابع لامام من الأئمة يقول في حق إمامه كذلك.
إن الأئمة المجتهدين، كأبي حنيفة، ومالك، والشافعي، وأحمد، وغيرهم، رحمهم الله تعالى لم يقل واحد منهم لاتباعه: اتبعوني وخذوا بجميع أقوالي، وآثروني على من سواي، وإنما ثبت عن كل واحد منهم قوله: " إذا خالف قولي قول رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالحجة في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم، واضربوا بقولي عرض الحائط " وجميعهم أصحاب فضل وعلم، وقد بذلوا جهدهم في التماس الحق في المسائل التي اجتهدوا فيها، فأصاب كل واحد منهم في بعضها، وله في ذلك أجران، وأخطأ في البعض الاخر، وله فيها أجر واحد، فالمحب الصحيح هو الذي يوالي الجميع، ويقدر جهودهم، ويشيد بفضلهم، ولا يعتقد العصمة فيهم، وإذا رأى أحدهم يفضل على الآخرين بشيء قد خصه الله به، فلا يتخذه وسيلة للتعصب أو الإفراط في الحب الذي قد يدعوه إلى العدول عن الصواب، لان هذا الامام يحبه لم يقل به.
وليضع كل واحد منا نصب عينيه كلمة الامام مالك رحمه الله: " ما منا إلا من رد أو رد عليه إلا صاحب هذا القبر " وأشار إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم، فالنبي صلى الله عليه وسلم هو وحده الذي افترض الله علينا الاخذ بجميع أقواله، وليس ذلك لأحد سواه.
(٢) هو الحافظ الحجة أبو نعيم عبد الملك بن محمد بن عدي الجرجاني الاستراباذي الفقيه، المتوفى سنة ٣٢٣ وهو غير ابن عدي صاحب " الكامل " في الضعفاء، المتوفى سنة ٣٦٥، فذاك كنيته أبو أحمد، واسمه عبد الله.