أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ بِحَدِيْثِ زَيْدِ بنِ ثَابِتٍ فِي بَيعِ الثِّمَارِ (١) ، فَأَعجَبَهُ، وَاسْتَزَادَنِي مِثْلَهُ، فَقُلْتُ: وَمِنْ أَيْنَ مِثْلُهُ؟!
قَالَ صَالِحُ بنُ مُحَمَّدٍ جَزَرَةُ الحَافِظُ: حَضَرْتُ مَجْلِسَ أَحْمَدَ بنِ صَالِحٍ، فَقَالَ: حَرَجٌ عَلَى كُلِّ مُبْتَدِعٍ وَمَاجِنٍ أَنْ يَحْضُرَ مَجْلِسِي.
فَقُلْتُ: أَمَّا المَاجِنُ، فَأَنَا هُوَ: وَذَاكَ أَنَّهُ قِيْلَ لَهُ: صَالِحٌ المَاجِنُ قَدْ حضَرَ مَجْلِسَكَ.
الحَاكِمُ: حَدَّثَنَا أَبُو حَامِدٍ السَّيَّارِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ دَاوُدَ الرَّازِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا زُرْعَةَ الرَّازِيَّ يَقُوْلُ:
ارْتَحَلْتُ إِلَى أَحْمَدَ بنِ صَالِحٍ، فَدَخَلْتُ، فَتَذَاكَرْنَا إِلَى أَنْ ضَاقَ الوَقْتُ، ثُمَّ أَخْرَجْتُ مِنْ كُمِّي أَطرَافاً فِيْهَا أَحَادِيْثُ، فَسَأَلْتُهُ عَنْهَا، فَقَالَ لِي: تَعُودُ.
فَعُدْتُ مِنَ الغَدِ مَعَ أَصْحَابِ الحَدِيْثِ، فَأَخْرَجْتُ الأَطرَافَ، وَسأَلْتُهُ، فَقَالَ: تَعُودُ.
فَقُلْتُ: أَلَيْسَ قُلْتَ لِي بِالأَمسِ: مَا عِنْدَكَ مَا يُكْتَبُ، أَوْرِدْ عَلَيَّ مُسْنَداً أَوْ مُرْسَلاً أَوْ حَرْفاً مِمَّا أَسْتَفِيْدُ، فَإِنْ لَمْ أُورِدْ ذَلِكَ عَمَّنْ هُوَ أَوْثَقُ مِنْكَ، فَلَسْتُ بِأَبِي زُرْعَةَ.
ثُمَّ قُمْتُ، وَقُلْتُ لأَصْحَابِنَا: مَنْ هَا هُنَا مِمَّنْ نَكتُبُ عَنْهُ؟
قَالُوا: يَحْيى بنُ بُكَيْرٍ.
فَذَهَبتُ إِلَيْهِ.
قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: كَانَ أَحْمَدُ بنُ صَالِحٍ قَدْ سَمِعَ فِي كُتُبِ حَرْمَلَةَ، فَمَنَعَهُ حَرْمَلَةُ مِنَ الكُتُبِ، وَلَمْ يَدْفَعْ إِلَيْهِ إِلاَّ نِصْفَ الكُتُبِ، فَكَانَ أَحْمَدُ بنُ صَالِحٍ بَعْدُ، كُلُّ مَنْ سَمِعَ مِنْ حَرْمَلَةَ وَبَدَأَ بِهِ إِذَا وَافَى مِصْرَ، لَمْ يُحَدِّثْهُ أَحْمَدُ.
وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ مُحَمَّدِ بنِ سَلْمٍ المَقْدِسِيَّ يَقُوْلُ:
قَدِمْتُ مِصْرَ، فَبَدَأْتُ بِحَرْمَلَةَ، فَكَتَبْتُ عَنْهُ كِتَابَ عَمْرِو بنِ الحَارِثِ، وَيُوْنُسَ بنِ يَزِيْدَ، وَالفَوَائِدَ، ثُمَّ ذَهَبتُ إِلَى أَحْمَدَ بنِ صَالِحٍ، فَلَمْ يُحَدِّثْنِي، فَحَمَلْتُ كِتَابَ يُوْنُسَ، فَخَرَّقْتُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ أُرْضِيَهِ بِذَلِكَ - وَلَيْتَنِي لَمْ أُخَرِّقْهُ - فلَمْ
(١) سيرد الحديث في الصفحة: ١٧٥.