أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ، عَنْ أَبِي اليَمَانِ.
قَالَ أَبُو القَاسِمِ ابنُ عَسَاكِرَ: قَرَأْتُ فِي كِتَابِ أَبِي الحُسَيْنِ الرَّازِيِّ -يَعْنِي: وَالِدَ تَمَّامٍ- قَالَ: سَمِعْتُ جَمَاعَةً قَالُوا:
لَمَّا اتَّصَلَ الخَبَرَ بِأَبِي أَحْمَدَ الوَاثِقِ، أَنَّ أَحْمَدَ بنَ طُولُوْنَ قَدْ خَلَعَهُ بِدِمَشْقَ، أَمَرَ بِلَعْنِ أَحْمَدَ بنَ طولُوْنَ عَلَى المنَابِرِ، فَلَمَّا بَلَغَ أَحْمَدَ، أَمَرَ بِلَعْنِ المُوَفَّقِ عَلَى المنَابِرِ بِمِصْرَ وَالشَّامِ، وَكَانَ أَبُو زُرْعَةَ مُحَمَّدُ بنُ عُثْمَانَ القَاضِي مِمَّنْ خَلَعَ المُوَفَّقَ -يَعْنِي: مِنْ وَلاَيَةِ العَهْدِ- وَلَعَنَهُ، وَوَقَفَ عِنْدَ المِنْبَرِ بِدِمَشْقَ، وَلَعَنَهُ، وَقَالَ: نَحْنُ أَهْلُ الشَّامِ، نَحْنُ أَهْلُ صِفِّيْنَ، وَقَدْ كَانَ فِيْنَا مَنْ حَضَرَ الجَمَل، وَنَحْنُ القَائِمُوْنَ بِمَنْ عَانَدَ أَهْل الشَّامِ، وَأَنَا أُشْهِدُكُم أَنِّي قَدْ خَلَعْتَ أَبَا أَحْمَقَ -يَعْنِي: أَبَا أَحْمَدَ- كَمَا يُخْلَعُ الخَاتَمُ مِنَ الإِصْبَعِ، فَالعَنُوهُ، لَعَنَهُ اللهُ.
قَالَ الرَّازِيُّ: وَحَدَّثَنِي إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ صَالِحٍ، قَالَ: لَمَّا رَجَعَ أَحْمَدُ بنُ المُوَفَّقِ مِنْ وَقْعَةِ الطَّوَاحِيْنِ (١) إِلَى دِمَشْقَ، مِنْ مُحَارَبَةِ خُمَارَوَيه بنَ أَحْمَدَ بنِ طُولُوْنَ -يَعْنِي: بَعْدَ مَوْتِ أَبِيْهِ؛ أَحْمَدَ، وَذَلِكَ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَسَبْعِيْنَ- قَالَ لأَبِي عَبْدِ اللهِ الوَاسِطِيِّ: انْظُرْ مَا انْتَهَى إِلَيْكَ مِمَّنْ كَانَ يُبْغِضُنَا فَليُحْمَل.
فَحُمِلَ يَزِيْدُ بنُ عَبْدِ الصَّمَدِ، وَأَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ، وَالقَاضِي أَبُو زُرْعَةَ بنُ عُثْمَانَ، حَتَّى صَارُوا بِهِم مُقيَّدِيْنَ إِلى أَنْطَاكِيَةَ، فَبَيْنَا أَحْمَدُ بنُ أَبِي المُوَفَّقِ - وَهُوَ المُعْتَضِدُ - يَسِيْرُ يَوْماً، إِذْ بَصُرَ بِمَحَامِلِ هَؤُلاَءِ.
فَقَالَ لِلْوَاسِطِيِّ: مَنْ هَؤُلاَءِ؟
قَالَ: أَهْلُ دِمَشْقَ.
قَالَ: وَفِي الأَحْيَاءِ هُم؟ إِذَا نَزَلْتُ فَاذْكُرْنِي بِهِم.
قَالَ ابْنُ صَالِح: فَحَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ: قَالَ: فَلَمَّا نَزَلَ أَحضَرَنَا بَعْدَ أَنْ فُكَّتِ القُيُوْدُ، وَأَوْقَفَنَا مَذْعُوْرِيْنَ.
فَقَالَ: أَيُّكُم القَائِل: قَدْ نَزَعْتُ أَبَا
(١) انظر: الكامل لابن الأثير: ٧ / ٤١٤ - ٤١٥.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute