للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَلاَئِلُ، مَا أَعدِلُ بِالفَقْرِ شَيْئاً، وَلَوْ وَجَدتُ السَّبيلَ، لَخَرجتُ حَتَّى لاَ يَكُوْنَ لِي ذِكْرٌ.

وَقَالَ: أُرِيْدُ أَنْ أَكُوْنَ فِي شِعْبٍ بِمَكَّةَ حَتَّى لاَ أُعرَفَ، قَدْ بُليتُ بِالشُّهرَةِ، إِنِّي أَتَمنَّى المَوْتَ صَبَاحاً وَمسَاءً.

قَالَ المَرُّوْذِيُّ: وَذُكِرَ لأَحْمَدَ أَنَّ رَجُلاً يُرِيْدُ لِقَاءهُ، فَقَالَ: أَلَيْسَ قَدْ كَرِهَ بَعْضُهُمُ اللِّقَاءَ يَتَزَيَّنُ لِي وَأَتزيَّنُ لَهُ (١) .

قَالَ: لَقَدِ اسْتَرَحتُ، مَا جَاءنِي الفَرَجُ إِلاَّ مُنْذُ حَلَفتُ أَنْ لاَ أُحِدِّثَ، وَلَيتنَا نُتْرَكُ، الطَّرِيْقُ مَا كَانَ عَلَيْهِ بِشْرُ بنُ الحَارِثِ.

فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّ فُلاَناً قَالَ: لَمْ يَزهَدْ أَبُو عَبْدِ اللهِ فِي الدَّرَاهِمِ وَحدَهَا.

قَالَ: زَهِدَ فِي النَّاسِ.

فَقَالَ: وَمَنْ أَنَا حَتَّى أَزهَدَ فِي النَّاسِ؟ النَّاسُ يُرِيْدُوْنَ أَنْ يَزهَدُوا فِيَّ.

وسَمِعْتُه يَكْرَهُ لِلرَّجُلِ النَّومَ بَعْدَ العصرِ، يَخَافُ عَلَى عَقلِهِ (٢) .

وَقَالَ: لاَ يُفْلِحُ مَنْ تَعَاطَى الكَلاَمَ، وَلاَ يَخلُو مِنْ أَنْ يَتَجَهَّمَ (٣) .


(١) اللقاء الذي لم يرغب فيه الامام أحمد هو الذي يراد منه ذيوع الصيت والتكلف.
أما لقاء الناس لتعليمهم ما جهلوا من أمر دينهم، وإسداء النصح لهم، وصلة أرحامهم، وزيارتهم في المناسبات المشروعة، فهو مما يرتضيه ويرغب فيه، لان ذلك مما يحمده الشرع ويحث عليه.
فقد روى الامام أحمد ٢ / ٤٣، وابن ماجه (٤٠٣٢) ، والترمذي (٢٥٠٧) بسند قوي من حديث ابن عمر مرفوعا: " المؤمن الذي يخالط الناس، ويصبر على أذاهم أفضل من المؤمن الذي لا يخالط الناس، ولا يصبر على أذاهم ".
(٢) لم يثبت هذا في نص يعول عليه.
(٣) يقول شيخ الإسلام: الجهمية ثلاث درجات: فشرها الغالية الذين ينفون أسماء الله وصفاته.
وإن سموه بشيء من أسمائه الحسنى، قالوا: هو مجاز.
فهو في الحقيقة عندهم ليس بحي، ولا عالم، ولاقادر، ولا سميع، ولا بصير، ولا متكلم، ولا يتكلم.
والدرجة الثانية من التجهم هو تجهم المعتزلة ونحوهم، الذين يقرون بأسماء الله تعالى في الجملة، لكن ينفون صفاته.
وهم أيضا لا يقرون بأسماء الله الحسنى كلها على الحقيقة، بل يجعلون كثيرا منها على المجاز، وهؤلاء هم الجهمية المشهورون.
والدرجة الثالثة هم الصفاتية المثبتون المخالفون =