تقولون: من أدرك الركوع لزم أن يدرك ما بعده ولا عكس، ولكن نقول: إن ذلك ليس بلازم قد يدرك الركوع ولا يدرك ما بعده، افرض أنه يصلي الجمعة فركع الإمام وانقطع الصوت هل يمكن الائتمام الآن؟ لا يمكن، وعلى هذا فيكون قد أدرك الركوع ولم يدرك الركعة، ومثل هذا يلزمه أن يصلي أربعًا إلا إذا كان يمكنه أن يذهب إلى مكان يدرك فيه صلاة الإمام، المهم: أن المراد بالركعة هنا أربع ركوعات صلى أربع ركوعات في ركعتين، وبهذا يتبين أنه لا تناقض بين أربع ركعات وركعتين.
وقوله:"وأربع سجدات"، السجود بقي على ما هو عليه؛ لأنها ما قالت: ثمان سجدات، إنما التكرار في الركوع، والحكمة- والله أعلم- من أجل كثرة القراءة حتى يفصل بين القراءتين فيكون أريح للناس؛ ولهذا تكرر الركوع دون السجود.
فيستفاد من هذا الحديث فوائد:
الأولى: أن المشروع في صلاة الكسوف الجهر، ولو في كسوف الشمس والدليل على ذلك فعل النبي صلى الله عليه وسلم.
الفائدة الثانية: أن المشروع أن يصلي في كل ركعة ركوعين لقولها: "فصلى أربع ركعات في ركعتين".
والفائدة الثالثة: أن السجود لا يتكرر أو لا يتغير على الأصح، بل في كل ركعة سجودان فقط لقولها:"وأربع سجدات".
الفائدة الرابعة: الحكمة في التشريع، وأنه مناسب للعلة والسبب، فإنه لما كان الكسوف آية حسية لما تجر به العادة صارت الصلة له آية شرعية ليس لها نظير في الصلوات، فالشرع مناسب للقدر لا تناقضان ولا تنافيان، وهذا من عظيم حكمة الرب عز وجل، وفي رواية: ثم قالت: "فبعث مناديًا ينادي الصلاة جامعة"، "الصلاة جامعة" كلمتان ذكر الشراح أنه يجوز فيهما وجهان "الصلاة جامعة"، بالرفع على أنها مبتدأ أو خبر، "والصلاة جامعة" بالنصب على أن الأول مفعول لفعل محذوفط، و"جامعة" حال من الصلاة، والتقدير: احضروا الصلاة جامعة، ونحن في وقتنا الحاضر إذا علمنا أن فيها وجهين فإننا تنشرح صدورنا لهذين الوجهين؛ لأن الذين ينادون في الغالب لا يعرفون النحو تارة يقولون:"الصلاة جامعة"، وتارة يقولون بالرفع، وتارة يسكنون أيضًا يقولون:"الصلاة جامعة" فيجرون الوصل مجرى الوقف، والأمر في هذا واسع لا يتغير الحكم، ثم هي ليست أذانًا، ولهذا- مما استدل به من يقول: إن صلاة الكسوف ليست واجبة- استدلوا بهذا: بـ "الصلاة جامعة"، فالرسول ما قال:"حي على الصلاة" الجماعة في الصلوات الخمس واجبة، يقول:"حي على الصلاة" أما هذه فأخبرهم بأن "الصلاة جامعة" يعني: فمن شاء حضر ومن شاء لم يحضر، وهذا