للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هو قول اللسان وهو معروف: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، الذكر بالجوارح: العمل بطاعة الله، قال الله تعالى: {اتل مآ أوحى إليك من الكتاب وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر} [العنكبوت: ٤٥]. ذكر الله بعد الصلاة أكبر، وقال تعالى: {يأيها الذين ءامنوا إذا نودى للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله} [الجمعة: ٩]. وهذا أمر بالسعي إلى الخطبة وهي من ذكر الله وإلى الصلاة أيضاً، لكن إذا ذكرت أفعال الجوارح والذكر صار خاصاً باللسان؛ يعني مثلاً، ذكرت الصلاة وبعدها ذكر مثل: {فإذا قضيتم الصلاة فاذكروا الله} [النساء: ١٠٣]. فجعل الذكر بعد القضاء من الصلاة، فنقول: المراد بالذكر هنا: ذكر اللسان المعروف، سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر، وذكر القلب: التفكر في آيات الله هو ذكر القلب، عندما نقول: لا إله إلا الله نتفكر في معناها هذا ذكر القلب، وقد لا يكون هناك ذكر باللسان أو الجوارح، لكن ذكر القلب كالتفكر في خلق السموات والأرض.

[حقيقة الدعاء وشروط الاستجابة]

الدعاء: دعاء الله عز وجل، ودعاء الله تعالى يكون بلسان المقال، وبلسان الحال، فإذا قلت: اللهم اغفر لي، فهذا دعاء بلسان المقال، وإذا قرأت القرآن فهو دعاء بلسان الحال؛ لأن قارئ القرآن ماذا يريد؟ يريد الثواب، فكأنه يقول بلسان حاله: اللهم أثبني؛ ولهذا نقول: الدعاء عبادة، والعبادة دعاء، الدين دعاء، والدعاء دين، قال الله تعالى: {وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي} [غافر: ٦٠]. قال {ادعوني} ثم قال: {يستكبرون عن عبادتي}، فدل هذا على أن الدعاء عبادة، والدعاء دين أو من الدين، قال الله -تبارك وتعالى-: {وإذا غشيهم موج كالظلل دعوا الله مخلصين له الدين} [لقمان: ٣٢]. هل هم يركعون ويسجدون؟ لا، هم يسألون الله أن ينجيهم، فسمى الله دعاءهم ديناً؛ إذن الدعاء من الدين والدعاء من العبادة، والعبادة دعاء، والدين دعاء؛ لأن كل إنسان يدين بالله إنما يريد الثواب فهو دائم بلسان الحال، لكن إذا ذكر الذكر والدعاء هنا يفترقان يكون الذكر ما أشرنا إليه أولاً، والدعاء دعاء السؤال بلسان المقال أن نقول: اللهم اغفر لي وارحمني ... إلخ، واعلم أن الدعاء هو إظهار العبد افتقاره إلى الله عز وجل، واستغاثته به، واعتماده عليه، فهو في الحقيقة يمثل حقيقة العبودية، وأن الإنسان مضطر ومفتقر إلى ربه، ولهذا كلما اشتدت الحاجة إليه كان الإنسان إلى ربه أخبت وأطوع؛ لأنه يعلم أنه لا ينجيه إلا الله عز وجل، لكن له شروط وآداب، من أهم شروطه: أن يكون الإنسان معتقداً أنه عاجز عن حصول مطلوبه إلا بالله، يعني: أن يعرف أنه عاجز مفتقر إلى الله غاية الافتقار، أما أن يدعو وهو يشعر بأنه مستغنٍ عن الله فهذا لا يجاب، وكيف يجيب الله عز وجل، شخصاً يدعو الله وهو يرى أنه غير محتاج إلى الله؟ !

<<  <  ج: ص:  >  >>