فهل هذا الذي وجدته على ظاهر الأرض بدون حفر وبدون تعب هل إذا تملكته يكون فيه الخمس؟ نقول: لا يجب فيه الخمس لأن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: «مال الله يؤتيه من يشاء».
وأيضا يمكن أن يفرق بينه وبين الكنوز فإن هذا المال حصل فيه شيء من التعب وهو الإشهاد والإنشاد والمعاناة فى حفظه سنة كاملة، لكن الركاز تملكه بمجرد ما تحصل عليه تنتفع به في لحظة.
[حكم اللقطة في مكة]
(٩٠٣) - وعن عبد الحمن بن عثمان التيمي (رضي الله عنه): «أن النبي (صلى الله عليه وسلم) نهى عن لقطة الحاج». رواه مسلم.
» نهى» ما هو النهي؟ طلب الكف على وجه الاستعلاء من الطالب، لأنه لولا أنه أعلى ما نهى؛ لأن الذي يكون بمنزلتك إذا نهاك عن شيء فإنما يلتمس يعني: يترجى، والذي يكون دوني يُسمّى دعاء، يعني: يستجدي لكن الذي ينهاك هو من كان أكبر منك فمثلاً هذا رجل ظالم باطش أراد أن يُوقع بك فقلت: لا تحبسني لا تضربني هذا استجداء يسمونه دعاء، لكن ينبغي أن يكون الدعاء لله رب العالمين، هذا لا يمكن نسميه نهيا، فإذا قال رجل لابنه: يا ولد لا تخرج، هذا نهي، لماذا؟ لأنه على سبيل الاستعلاء، زميل قال لزميله: من فضلك لا تفعل معي كذا، هذا التماس.
على كل حال: النهي هنا من الناهي؟ الرسول (صلى الله عليه وسلم)، ولا شك أن توجيه النهي إلينا على سبيل الاستعلاء يعني: أنه جاء من أعلى إلى أدنى، وإن كان النبي (صلى الله عليه وسلم) ليس فيه علو وليس فيه تكبر، بل هو أشد الناس تواضعًا، لكنه جاء من أعلى إلى أدنى.
وقوله:«عن لقطة الحاج» اللقطة سبق تعريفها، و «الحاج» هو: من قصد مكة لأداء المناسك، ويصح أن نصفه بأنه حاج بمجرد إحرامه بالحج، فلو أحرم من ذي الخليفة قيل: إنه حاج، لقول عائشة (رضي الله عنها): وأهل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بالحج، فمن حين يحرم بالحج يقال: إنه حاج، فإذا ضاع من المحرم بالحج لقطة فإن الحديث ينطبق عليه في ظاهره أنه ينهى عن لقطته فإذا وجدّت في مكان الحاج الذي نزلوا فيه لقطة ولو كانوا في بدر، فإنك لا تأخذها لأن النبي (صلى الله عليه وسلم) نهى عن لقطة الحاج، وهؤلاء محرمون بالحج، فلقطتهم لقطة حاج، هذا ظاهر الحديث لكن الظاهر -والله أعلم- أن المراد بلقطة الحاج، إنما نهى عنها، لا لأنه حاج، ولكن لأنه في مكة، وإنما قيل: الحاج بناء على الغالب، هذا الذي يظهر وهو وإن كان خلاف ظاهر اللفظ، لكن