ومن فوائده: كراهة كل ما يلهي عن الصلاة لقوله: "فإنها ألهتني آنفا عن صلاتي".
ومن فوائده: أن النبي صلى الله عليه وسلم كغيره من البشر يعرض له ما يلهيه عما هم أهم.
[التحذير عن رفع البصر إلى السماء في الصلاة]
٢٣٧ - وعن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لينتهين أقوام يرفعون أبصارهم إلى السماء في الصلاة أو لا ترجع إليهم". رواه مسلم.
قوله: "لينتهين أقوام" في هذه الجملة إشكال في إعراب الفعل؛ لأن الفعل الآن مفتوح ولم نر ناصبا ينصبه؛ هذا فعل مضارع اتصلت به نون التوكيد المباشرة، متى يبنى المضارع؟ يبنى الفعل المضارع إذا اتصلت به نون التوكيد أو نون الإناث، "أقوام يرفعون أبصارهم إلى السماء في الصلاة" يعني: لينتهن عن هذا أو لا ترجع إليهم، هذا مثل قوله: "أو لتخطفن أبصارهم".
الجملة في قوله: "لينتهين" جملة مؤكدة بثلاث مؤكدات القسم واللام والنون، والتقدير: والله لينتهين؛ أي: يتركن.
في هذا الحديث: التحذير من رفع البصر إلى السماء في الصلاة من قوله: "أو لا ترجع إليهم".
ومن فوائده: أن رفع البصر إلى السماء في الصلاة محرم، بل قال قائل: إنه من الكبائر.
لم يكن قوله بعيدا؛ لأنه رتب عليه وعيد، واختلف العلماء - رحمهم الله- هل تبطل الصلاة إذا رفع الإنسان بصره إلى السماء أو لا تبطل؟ أكثر العلماء على أن الصلاة لا تبطل، وقال بعض العلماء - ومنهم الظاهرية-: إن الصلاة تبطل؛ لأنه فعل فعلا منهيا عنه في الصلاة، فكما تبطل الصلاة بالكلام تبطل برفع البصر إلى السماء، لكن القول الصحيح ما عليه الجمهور أن الصلاة لا تبطل، لكن الرجل قد فعل محرما وعرض نفسه للعقوبة.
ومن فوائد هذا الحديث: الإنكار على من نشاهدهم إذا رفعوا رءوسهم من الركوع رفعوا وجوههم إلى السماء، وهذا غلط، وعلى من رآهم أن ينصحهم ويبين لهم؛ لأنهم جهال لا يعرفون وأنت عالم فبين لهم كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "بلغوا عني ولو آية".
فإن قال قائل: الحديث "يرفعون أبصارهم" فما قولك فيما لو رفع وجهه وأغمض عينه؟
فالظاهر أنه لا فرق، وأن قوله: "يرفعون أبصارهم" من باب الأغلب أن الإنسان إذا رفع وجهه رفع بصره، وعليه رفع وجهه وهو مغمض عينيه دخل في النهي.