١٢٧٦ - وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال:"نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم الجلالة وألبانها". أخرجه الأربعة إلا النسائي, وحسنه الترمذي.
النهي: هو طلب الكف على سبيل الاستعلاء, وصيغته:"لا تفعل", أما اترك فليست نهيًا ولكنها أمر بالترك, وكذلك دع ذر اجتنب, لكن يصح أن نعبر عنها بأنها نهي, فيقال: نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن كذا, وإن كانت تأتي بقول: اجتنب, والجلالة أحسن ما قيل فيها: أنها التي أكثر علفها النجاسة فهي جلالة ومنهي عنها, وكذلك نهى عن ألبانها؛ لأن ألبانها متولدة من بين فرث ودم من لحومها, فيكون اللبن تبعًا للحم, وفي بعض الأحاديث نهى عن ركوبها أيضًا, والنهي عن الركوب من أجل الابتعاد عنها حتى لا يضطر الإنسان إلى محاولة تطهير هذه الجلالة. ففي هذا الحديث: النهي عن الجلالة, واختلف العلماء - رحمهم الله- في حكمها؛ فمنهم من قال: إنها حرام لهذا الحديث, ولأنها تربت بخبيث فتأثرت به فتكون خبيثة, ومنهم من قال: إنها طاهرة وليست بخبيثة وذلك لأن غذاءها حال في العلف الذي أكلته مثلاً استحال إلى دم وتغذى به الجسم فتكون طاهرة بالاستحالة, ومنهم من قال: إنها حلال, وهؤلاء هم الذين ضعفوا الحديث وقالوا: إنه ضعيف لا تقوم به حجة, فنرجع إلى الأصل وهو الحل, منهم من فصل فقال: إن ظهر أثر النجاسة عليها بأن هذا اللبن له رائحة النجاسة أو اللحم له رائحة النجاسة حرم أكلها وإن لم يظهر فلا, وهذا أقرب الأقوال, لكن هذا ممكن في اللبن بعد حلبه وفي اللحم بعد الذبح, فيقال مثلاً: إذا ذبح الجلالة فإن شم رائحة نجاسة حرم, لأنها لم تتم استحالتها وإلا فهي حلال, وهذا القول أقرب ما يكون من القواعد سواء صح الحديث بالنهي أم لم يصح؛ لأنه إذا ظهرت رائحة الخبث فيها صار لها حكم ذلك الخبث كالماء إذا تغير بالنجاسة وإذا لم تظهر فقد استحالت النجاسة ولم يظهر أثر والأصل الحل. فإذا قال قائل: إلى متى يمتد النهي؟ قلنا: إلى أن تطعم الطاهر, وإلى متى؟ اختلف العلماء في ذلك بناء على اختلاف الروايات؛ فمنهم من قال: أربعون, ومنهم من قال: عشرون, ومنهم من قال: ثلاثة أيام, ومنهم من فرق