هذه دلالة مباشرة، أو دلالة غير مباشرة بحيث يدله على من يدله على الخير مثل: أن يسألك إنسان عن مسألة دينية وأنت لا تعرفها فتقول: أسأل فلانًا من العلماء، هذا يكون قد دل على من يدل على الخير، ثم إن الدلالة على الخير تنقسم إلى قسمين: دلالة بالقول، ودلالة بالفعل، والناس يقتدون بالقول ويقتدون بالفعل، وربما كان اقتداؤهم بالفعل أكثر، فمثلاً: إذا اقتدى بك إنسان في التهجد في الليل أو في إعانة الضعيف أو في الصدقة على فقير اقتدى بك وأنت لم تقل له ذلك، فهذا يعتبر دلالة لكن دلالة فعلية، وكذلك أيضًا من دل على ترك المحذور وترك الشر بنية صالحة وتركه غيره بهذه النية فله مثل أجر فاعله.
فمن فوائد الحديث: الحث على الدلالة على الخير إما بالقول وإما بالفعل، ومن الدلالة على الخير دلالة الخطباء في مساجدهم يوجهون الناس، ودلالة الوعاظ في أماكن الوعظ يدلون الناس، ودلالة المعلمين في فصول الدراسة يعلمون الناس، ويدلونهم على الخير وأبواب هذا كثيرة جدًا.
ومن فوائد الحديث: أن الأسباب لها أحكام المقاصد، فالدلالة على الخير سبب للخير، فإذا فعل الإنسان الخير كان للدال مثل أجره، فدل على أن الوسائل لها أحكام المقاصد.
ومن فوائد الحديث: أن الأجر الحاصل للدال لا ينقص أجر المدلول لقوله: "فله مثل أجر فاعله"، ولم يقل: فالأجر بينهما؛ أي: بين الدال والمدلول، بل قال:"مثل أجر فاعله"، وعلى هذا فإن أجر المدلول لا ينقص بإعطاء الدال مثل أجره، وفضل الله واسع.
[المكافأة على المعروف]
١٤٠٨ - وعن ابن عمر رضي الله عنها، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«من استعاذكم بالله فأعيذوه، ومن سألكم بالله فأعطوه، ومن أتى إليكم معروفًا فكافئوه، فإن لم تجدوا، فادعوا له». أخرجه البيهقي.
قوله:"من استعاذكم"، الاستعاذة معناها: الاعتصام بالشيء، والمعنى: من اعتصم بالله منكم فاعصموه، مثال ذلك: قال: أعوذ بالله منك فأعيذوه؛ لأنه استعاذ بمعاذ عظيم فيجب أن تعيذوه، وليس هذا من باب الاستشفاع بالله على خلقه؛ لأن الاستشفاع بالله على خلقه حرام.
لو قال قائل: أتوجه بالله إليك أو أستشفع بالله إليك لكان هذا حرامًا؛ لأن منزلة الشافع أدنى من منزلة المشفوع إليه، فإذا جعلت الله شافعًا إلى مخلوق، جعلت الله في مرتبة دون المطلوب، فلا يجوز أن تقول: أشفع بالله إليك، ولا أتوجه بالله إليك؛ لأنك حينئذٍ جعلت مقام