للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الترغيب في حسن الخلق]

١٤٦١ - وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله: «ما من شيء في الميزان أثقل من حسن الخلق». أخرجه أبو داود، والترمذي وصححه.

ما الذي رفع "أثقل"؟ الذي رفعها: "أن من" في قوله: "من شيء" حرف جر زائد، وعلى هذا يكون التقدير: ما شيء في الميزان أثقل من حسن الخلق.

وإذا أخذنا بظاهر الحديث فإنه يبقى مشكلاً؛ لأن كلمة التوحيد أثقل ما يكون في الميزان كما في حديث صاحب البطاقة الذي أخرج له يوم القيامة سجلات كثيرة من الذنوب ثم وزنت بلا إله إلا الله فرجحت بها لا إله إلا الله فكيف يمكن الجمع بين هذا وما جاء في هذا الحديث؟ الجواب: أولاً: إن صح هذا الحديث فإن قول: "لا إله إلا الله" من توحيد الله، بل هي توحيد الله، ولا شك ان اعتقاد مقتضاها من حسن الخلق؛ لأن حسن الخلق لا يراد به أن يكون الإنسان مع الناس واسع الصدر منطلق الوجه فقط، ليس الأمر كذلك، إنما حسن الخلق يشمل حسن الخلق مع الله ومع عباد الله، ومع ذلك يبقى في هذا الجواب إشكال؛ لأننا إذا قلنا: إن حسن الخلق هو حسن الخلق مع الله ومع عباد الله شمل الدين كله، وحينئذ ليس هناك شيء أثقل من شيء، فالحديث مشكل، ولهذا لابد أن يخرجه لنا أحد منكم.

على كل حال: حسن الخلق أمر مطلوب، والمقصود بالخلق الحسن، أو حسن الخلق: هو أن يكون الإنسان دائماً راضياً، فهو إذا كان عنده حسن خلق يصبر على الأذى ويتحمل المشاق ويأخذ بالعفو كما قال الله عز وجل: {خذ العفو وأمر بالمعروف} [الأعراف: ١٩٩] يعنى: خ ما ظهر من الناس وما حصل من أخلاقهم ولا تكلفهم الكمال؛ لأن من أراد الكمال حرم الكمال.

[الترغيب في الحياء]

١٤٦٢ - وعن ابن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله: «الحياء من الإيمان» متفق عليه.

الحياء: صفة خلقية تعتري الإنسان، ولا يستطيع أن يعبر عنها تعبيراً يكون تفسيراً لحقيقتها، ولكنها تعرف بآثارها، فهي: خلق يعتري الإنسان يمنعه أن يتكلم أو يفتل ما يخجل منه وما يوبخ عليه، وهو من الإيمان؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «الإيمان بضع وستون شعبة أعلاها: قول لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان»

<<  <  ج: ص:  >  >>