ولكن قد يقول قائل: يمكن أن يحضر الخطبة ويطرأ عليه طارئ كاحتياج إلى البول ويذهب ويبول ثم يرجع وتفوته ركعة.
فنقول: هذه الحالة نادرة، ولا يمكن أن يحمل الحديث على النادر ويترك الشيء الكثير، ولا شك أن الشيء الكثير أن من لم يدرك ركعة فهو لم يحضر من أول الأمر.
ويُستفاد من هذا الحديث بمفهومه- لأن منطوق الحديث:"أن من أدرك ركعة فقد تمت صلاته": أنّ من أدرك أقل من ركعة فإنه لا يجوز أن يضيف ركعة أخرى، ما هو الواجب؟ الواجب أن يُصلي أربعًا، وهذا يدل على رد قول من يقول: إن صلاة الجمعة فرض الوقت حتى لمن لا يجمع، ويرون أن النساء يصلين في بيوتهن ركعتين ويقولون: لا فرق، وهذا قول لا شك أنه ضعيف جدًّا، إن لم نقل إنه باطل، وهذا الحديث يدل عليه، يقول:"فإذا أدرك ركعة أضاف إليها أخرى" شرط إضافة الأخرى فقط لمن أدرك ركعة، وأن من لم يُدرك ركعة فلا يشترط أن يضيف أخرى.
هل يُستفاد منه جواز اختلاف نية الإمام والمأموم، يعني: إذا أدرك أقل من ركعة ماذا ينوي؟ ظهرًا والإمام جمعة نقول: نعم، وهذه المسألة استثناها من يقول: إنه لا يصح اختلاف نية الإمام والمأموم وهو المشهور من مذهب الحنابلة، لكنهم استثنوا هذه المسألة، واستثنوا أيضًا من صلى خلف إمام في صلاة العيد، وهو من يرى أن صلاة العيد فرض والإمام يرى أنها نفل استثنوا هذه أيضًا، ولكن الصواب كما تقدم أن اختلاف النية لا يضر.
حكم الخطبة قائمًا:
٤٢٧ - وعن جابر بن سمرة رضي الله عنه:"أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخطب قائمًا، ثمَّ يجلس، ثم يقوم فيخطب قائمًا، فمن أنباك أنه كان يخطب جالسًا، فقد كذب". رواه مسلم.
هذا يظهر- والله أعلم- أنه في عهد جابر بن سمرة كثر كلام الناس في الخطبة هل يخطب قائمًا أو يخطب جالسًا؛ لأن كلمة "فمن أنباك أنه كان يخطب جالسًا فقد كذب" هذه كلمة شديدة تدل على رد هذا الزعم.
يقول:"إن الرسول- عليه الصلاة والسلام- كان يخطب قائمًا"، ونقول في إعرابها ما قلنا فيما سبق، "يجلس ثم يقوم فيخطب قائمًا" فأثبت وكرر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخطب قائمًا، وكونه قائمًا هل هو شرط لصحة الخطبة، أو هو من مكملاتها؟ قال بعض أهل العلم: إنه شرط لصحة الخطبة، وأنه لو خطب قاعدًا فخطبته لاغية، لأن النبي صلى الله عليه وسلم واظب على ذلك، ولم يترك يومًا