القتر، أبدًا لا تقلق، إذا لم تر الهلال لكونه غٌم عليك أكمل العدة ثلاثين بدون قلق، وهكذا لا ينبغي للإنسان أن يجعل في نفسه قلقًا من الأحكام الشرعية حتى في مسائل الفتاوى فلا ينبغي لك أن تضع المستفتي في قلق وحيرة، فتقول: يمكن كذا، يمكن كذا، يحتمل كذا، يحتمل كذا، إما أن يكون عندك علم يقيني أو ظني؛ لأنه على القول الصحيح يجوز الحكم بغلية الظن عند تعارض الأدلة:{لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها}[البقرة: ? ? ? ]. وتجزم بالفتوى وإلا فدعها، أما أن تبقى في حيرة وتوقع غيرك في حيرة فهذا لا ينبغي.
ومن فوائد الحديث: اعتبار البناء على الأصل؛ لقوله:"فاقدروا له"، أو "فأكملوا العدة ثلاثين"؛ لأن الأصل بقاء الشهر، فإن اليوم الثلاثين يعدُّ من الشهر في الأصل، فتعمل على هذا الأصل حتى نتيقن أنه دخل الشهر الثاني، وهذا فرد من أفراد عظيمة دلت عليها أحاديث كثيرة وهي أن الأصل بقاء ما كان على ما كان حتى يتبين زواله.
[يقبل خبر الواحد في إثبات الهلال]
(٦٢٣) - وعن ابن عمر أيضًا رضي الله عنه قال:"تراءى النَّاس الهلال، فأخبرت رسول الله صلى الله عليه وسلم أنِّي رأيته، فصام وأمر النَّاس بصيامه". رواه أبو داود، وصحَّحه ابن حبَّان والحاكم.
(٦٢) ٤ - وعن ابن عباس رضي الله عنه:"أنَّ أعرابيًّا جاء إلى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فقال: إنِّي رأيت الهلال، فقال: أتشهد أن لا إله إلا الله؟ قال: نعم. قال: أتشهد أنَّ محمَّدًا رسول الله؟ قال: نعم. قال: فأذِّن في النَّاس يا بلال أن يصوموا غدًا". رواه الخمسة، وصحَّحه ابن خزيمةً، وابن حبَّان، ورجَّح النَّسائي إرساله.
ففي هذين الحديثين دليل على أنه يعمل بشهادة واحد في دخول رمضان، وعلى هذا فيكون الجمع في قوله:"إذا رأيتموه فصوموا" باعتبار الجنس؛ لأنه قال:"إذا رآه أحد منكم".
الحديث الأول يقول:"تراءى الناس الهلال"، أي: طلبوا رؤيته، هذا هو معنى تراءى، كأن