أن القارن لا هدي عليه؛ لأنه لا يسعفه اللفظ الذي في الآية.
[حكم صيام يوم الجمعة]
٦٥٥ - وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:"لا تخضُّوا ليلة الجمعة بقيام من بين اللَّيالي، ولا تخضُّوا يوم الجمعة بصيامٍ من بين الأيَّام، إلاَّ أن يكون في صومٍ يصومه أحدكم". رواه مسلمٌ.
سبق لنا أن خمسة أيام يحرم صومها، وليس شيء من أيام السَّنة يحرم صومه إلا ما سبق، وهما: أيام التشريق والعيدان، لكن بدأ المؤلف بما يكره صومه ولا يحرم، قوله:"لا تخصوا"، أي: لا تفردوه بقيام من بين الليالي، فأما بدون إفراد فلا نهي؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقل: لا تقوموا ليلة الجمعة، بل قال:"لا تخصوا"، والفرق بين العبارتين واضح، لو كان يريد النهي عن قيام ليلة الجمعة لقال: لا تقوموا، لكنه نهى عن تخصيصه، يعني: لا يخص الإنسان ليلة الجمعة بالقيام؛ لأنها ليلة الجمعة، وكذلك يوم الجمعة لا تخصوه بالصيام من بين سائر الأيام، لا يقل أحدكم: إنني سأصوم يوم الجمعة؛ لأنه يوم الجمعة فأصومه وأدع بقية الأيام، وجه ذلك: أنه لما كان هذا اليوم هو أشرف أيام الأسبوع فإن النفوس قد تذهب إلى تعظيمه واحترامه بصوم يومه وقيام ليلته، فنهى النبي صلى الله عليه وسلم عن أن يخص بصيام أو بقيام.
ويستفاد من الحديث: جواز قيام ليلة الجمعة بدون تخصيص، كرجل رأى من نفسه نشاطًا تلك الليلة فقام، لا لأنها ليلة الجمعة، ولكن لأنه كان نشيطًا، ولهذا لو نشط ليلة الخميس أو الأربعاء أو السبت لقام فهذا لا يشمله النهي؛ لأن المقصود بذلك أن نخصها.
ويستفاد من هذا الحديث: أنه لو كان الإنسان يقوم ليلة بعد ليلة وصادف أن يكون قيامه ليلة الجمعة، فإن ذلك لا يضر ولا يشمله النهي؛ لأن هذا الرجل إنَّما قام لما كان يعتاده من القيام ليلة بعد ليلة.
ويستفاد من هذا الحديث: أن ما شرف من الزمان والمكان فإنه لا ينبغي أن يخصص بزيادة عبادات ليست في غيره؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال:"لا تخصوا يوم الجمعة"، فمثلًا لو قال قائل: إني سأخص مثلًا شهر ربيع الأول بزيادة عمل صالح؛ لأنه الشهر الذي بعث فيه الرسول صلى الله عليه وسلم والشهر الذي قدم فيه إلى المدينة والشهر الذي ولد فيه، نقول له: لا تخص؛ لأنه ليس فيه دليل.
فإن قلت: أليس رمضان خصَّ بالصيام لأنه أنزل فيه القرآن؟