والتفقه، أو على سبيل الرفع، يعني: في حكم الرفع، ولهذا أريد منكم أن تتبعوا طق الحديث.
في هذا الحديث- على تقدير أنه مرفوع- فوائد منها: أن الصوم في هذه الأيام الثلاثة أيام التشريق مُحرَّم؛ لأنه قوبل بالرخصة لمن يباح له، ولو كان مباحًا لكان مُرَخَّصًا فيه لكل أحد، ولهذا استدل أكثر أهل العلم على وجوب طواف الوداع لحديث ابن عباس:"أُمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلاَّ أنه خُفَّفَ عن الحائض"، والتخفيف بمعنى: الرخصة، قالوا: لأنه لما خُفَّف عن الحائض معناه: أنه على غيرها واجب، ولو لم يكن واجبًا لكان خفيفًا على كل أحد.
من فوائد الحديث: جواز: صيام أيام التشريق لمن لم يجد الهدي، ومَن الذي يجب عليه الهدي؟ القارن والمتمتع، الدليل: استمع إلى قوله تعالى: {فإذا أمنتم فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدى فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم}[البقرة: ١٩٦]. قال: صيام ثلاثة أيام في الحج، وهذه الثلاثة من أيام الحج بلا شك، لكن لو قال قائل: أنت ذكرت التمتع والقرآن، والآية التمتع فقط، فالجواب: أن التمتع في لسان الشارع يشمل القرآن والتمتع؛ لأن كلًا مِن المتمتع الذي أحلَّ من عمرته ثم أحرم بالحج في عامه والقارن الذي أحرم بهما جميعًا كلٌّ منهما قد تَرَفَّه بترك أحد السفرين؛ لأن المتوقع أن يكون للعمرة سفر وللحج سفر، وهذا أتى بهما جميعًا في سفر واحد فحصل له بذلك الترفه، ولأن الصحابة- رضي الله عنهم- عبر بعضهم بقولهم: إن النبي صلى الله عليه وسلم تمتع، ومعلوم أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يتمتع وإنما حج قارنًا، كما قال الإمام أحمد: لا أشك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان قارنًا والمتعة أحب إليَّ.
إذن نقول: إن الآية يدخل فيها القرآن بناء على أن هذا هو المعهود في لغة الشارع، ولكن بعض العلماء- وهم قليل- قال: لا نسلم، ولو سلمنا بأن التمتع يدخل فيه القرآن فإنه ليس بظاهر بالنسبة للفظ الآية؛ لأن الله يقول:{فمن تمتع بالعمرة إلى} فذكر غاية ومَغَيَّ غاية، والغاية لها طرفان: ابتداء وانتهاء، وهذا يقتضي أن تكون العمرة منفصلة عن الحج فتمتعت بها، يعني: لما أحللت منها تمتعت إلى الحج، فمن أجل هذا التمتع بزوجتك ولباسك وطيبك من العمرة إلى الحج اشكر نعمة الله عليك وأهد الهدي بخلاف الإنسان الذي سيبقى على إحرامه من يوم يُحرم بالعمرة إلى يوم العيد، فهذا ليس عنده تمتع، صحيح تمتع بالترفه بترك أحد السفرين لكن ما تمتع فيما بين العرمة والحج، ولهذا قال الإمام أحمد: القارن ليس كالمتمتع، يعني: حتى ولو قلنا بوجوب الهَدي عليه فليس كالمتمتع؛ لأن المتمتع واضح فيه؛ ولأن الأئمة الأربعة كلهم متفقون على أن القارن كالمتمتع في وجوب الهدي عليه، وذهب بعض العلماء- وهم قلة- إلى