وزيادة أبي داود:"غير رمضان"، هل يمكن أن يقول قائل: المراد: غير رمضان أداءً لا قضاء؟ ممكن، مثل أن يكون مسافرًا أو قادمًا من سفر، أو يكون مريضًا أو مضطرًا لإنقاذ غريق من غرق، وفيه أيضًا لو صامت عن نَذر هل يحلُّ لها أن تصوم وزوجها شاهد؟ نقول: إذا كان قد أذن لها في النذر وصامت فلا بأس، يعني مثلًا: قالت: عليَّ ثلاثة أيام صوم نذر، قال: موافق فصامت من الغد من غير أن تقول: أني سأصوم غدًا، هل يصح؟ يصح؛ لأنه أذن لها فيه.
في الكفارة هل لها أن تصوم وزوجها شاهد بدون إذنه؟ إذا كان هو السبب فلا بأس، وإن كان ليس السبب كما لو كان كفارة يمين- وهي على الفور- فالظاهر: أنه في هذه الحالة لها أن تفعل، لأن هذا الحق واجب لله فلها أن تفعل.
[النهي عن صيام يوم الفطر ويوم النحر]
٦٥٢ - وَعَن أَبِي سَعِيدٍ الخُدرِيَّ رضي الله عنه:"أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم نَهَى عَن صِيَامِ يَومَينِ: يَومِ الفِطرِ، وَيَومِ النَّحرِ". مُتَّفَقٌ عَلِيهِ.
قوله:"أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى"، "النهي" أنه طلب الكفَّ على وجه الاستعلاء: يعني: على وجه يعتقد الناهي أنه أعلى رتبة من المنهى، وكل النواهي التي ترد في الكتاب والسُّنة فهي على هذا الوصف، فإن الناهي إما الله عز وجل وإما النبي صلى الله عليه وسلم.
وقوله:"عن صيام يومين: يوم الفطر" بالكسر على أنه بدل بعض من كل، و"يوم الفطر" وهو أول يوم من شوال؛ لأن الناس يفطرون فيه من رمضان، "ويوم النحر" هو اليوم العاشر من شهر ذي الحجة؛ لأن الناس ينحرون فيه الضحايا، وسُمَّي يوم النحر تغليبًا لما هو أكبر وأفضل وهي: الإبل، وإلا فإن نحرًا وفيه ذبحًا.
في هذا الحديث يقول:"نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن كذا"، وإذا قال الصحابي ذلك فالصواب بلا شك: أنه بمنزلة قوله: قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا تصوموا، يعني: كالنهي الصريح، لأن هناك فرقًا بين نهي و"لا تصوموا"؛ لأن الثاني صريح، والصواب أيضًا: أن الأول صريح، وأما قول من قال: إنه ليس بصريح لاحتمال أن يكون الصحابي فهم أنه نهى وليس بنهي؛ فهذا بعي ولا يرد، وذلك لأن الصحابي عالم باللغة العربية ومدلولاتها، ولا سيما كلام النبي صلى الله عليه وسلم الذي لم يزل يسمعه منه كثيرًا، فالصواب: أن قوله: "أمر"، وأن قوله:"نهى" أن الأول بمنزلة افعل، والثاني بمنزلة لا تفعل ولا فرق.
وقوله:"نهى عن صيام يومين: يوم الفطر، ويوم النحر"، إنما نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن صيامهما؛