ومن فوائده: عظمة العرش بإضافته إلى الله عز وجل، وهذه الإضافة إضافة خاصة كإضافة البيت إليه، وإضافة الناقة إليه، وإضافة المساجد، وغير ذلك.
ومن فوائد الحديث: أن كلمات الله عز وجل لا حصر لها لقوله: "ومداد كلماته".
ومن فوائده: أن الله تعالى يتكلم، وقد اتفقت الأمة على كلام الله، حتى أهل التعطيل قالوا: إن الله يتكلم، لكن الأصول في هذا ثلاثة: قول المعتزلة والجهمية: أن الله يتكلم وكلامه مخلوق، وقول الأشاعرة ومن سلك سبيلهم: أن الله يتكلم وكلامه هو المعنى القائم بنفسه وليس شيئاً يسمع، والثالث: قول أهل السنة يقولون: إن الله يتكلم بحروف وأصوات مسموعة سمعها من شاء من خلقه، وهذا هو الحق أن الله تعالى يتكلم بما شاء بمن شاء وكيف شاء، كلاماً حقيقياً بحروف وأصوات، وهو -سبحانه وتعالى- ناجى موسى صلى الله عليه وسلم:{وما تلك بيمينك يا موسى * قال هي عصاى أتوكؤا عليها وأهش بها على غنمي ولي فيها مئارب أخرى * قال ألقها يا موسى * فألقاها فإذا هي حية تسعى} فخاف، فقال الله له:{خذها ولا تخف سنعيدها سيرتها الأولى}[طه: ١٧ - ٢١]. مناجاة مع الله بكلام يسمعه موسى ويفهمه ويعرفه ويجيب عليه، ولا أدل على أن كلام الله تعالى بحرف وصوت من مثل هذه المحاورة.
[الباقيات الصالحات]
١٤٨٢ - وعن أبي سعيدٍ الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله: «الباقيات الصالحات: لا إله إلا الله، وسبحان الله، والله أكبر، والحمد لله، ولا حول ولا قوة إلا بالله». أخرجه النسائي، وصححه ابن حبان والحاكم.
قوله:"الباقيات الصالحات" كأنه يشير إلى قوله تعالى: {والباقيات الصالحات خير عند ربك ثواباً وخير أملا}[الكهف: ٤٦]. فهذا تفسير من النبي صلى الله عليه وسلم للباقيات الصالحات المذكورات في هذه الآية الكريمة، وسميت باقية؛ لأنها تبقى مدخرة للعبد عند الله عز وجل ينتفع بها يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، وسميت صالحة؛ لأنها من أفضل الكلام وأطيبه:"لا إله إلا الله"، يحتمل أن تكون "لا إله إلا الله" وما عطف عليها مبتدأ والباقيات الصالحات خبر، ويحتمل العكس، وكلاهما صحيح، لكن جملة "لا إله إلا الله" يحسن أن تكون خبراً؛ وذلك لأن المعروف أن الذي يكون جملة هو الخبر، أما وجه كونها مبتدأ وما قبلها خبر فتكون هذه الجملة مؤولة بهذا اللفظ: يعني: كأنه قال: هذا اللفظ الباقيات الصالحات، فصار لنا في إعرابها