يخصه بعينه لحاله أو لوصفه أما بعينه لعينه فلا؛ لأن الناس عند الله سواء لا يمكن أن يُخص فلانًا بحكم لأنه فلان، فإن قلت: ينتقض عليك هذا بخصائص الرسول صلى الله عليه وسلم فإنها خاصة به؟ فالجواب: لا ينتقض؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم خص بها لنبوته ورسالته فلم يخص بها لعينه، وما قاله شيخ الإسلام هو الحق، وعلى هذا يكون قوله صلى الله عليه وسلم لأبي بردة: "لن تُجزئ عن أحد بعدك" أي: بعد حالك باعتبار وصفه لا باعتبار شخصه، الحديث الذي معنا الآن يُخاطب علي بن أبي طالب فهل يختص به علي أو له ولغيره؟ له ولغيره بناء على القاعدة التي ذكرناها أنه ليس في الشريعة تخصيص شخص بحكم بعينه لعينه ولكن لوصفه وحاله.
ويستفاد من هذا الحديث: وجوب الزكاة في مائتي درهم.
ومنها: أن زكاة الفضة ربع العُشر، تؤخذ من قوله: "خمسة دراهم"، ونسبة الخمسة للمائتين ربع العشر.
ومن فوائد هذا الحديث: أنه لا بد من تمام الحول لوجوب الزكاة لقوله: "وحال عليها الحول"، والجملة هذه معطوفة على الشرط إذا كانت لك مائة درهم.
ومنها: أن المعتبر في الدراهم العدد دون الوزن.
ومن فوائد هذا الحديث: وجوب الزكاة في الذهب.
ومن فوائده: أن نصاب الذهب عشرون مثقالا، يؤخذ ذلك من قوله: "عشرون دينارًا"؛ لأن الدينار يساوي في الوزن مثقالا.
ومنها: أن الدراهم والدنانير ليس فيها وقص، يؤخذ هذا من قوله: "فما زاد بحساب ذلك": يعني: مائتا درهم زكاتها خمسة دراهم. مائتا درهم ودرهم فما زكاته؟ خمسة درهم وربع عشر الدرهم بخلاف الماشية.
ومن فوائد هذا الحديث: أن زكاة الذهب ريع العشر، ويؤخذ ذلك من قوله: "إذا كانت عشرين دينارًا ففيها نصف دينار".
[فائدة فيما لا يشترط فيه الحول]
ومنه قاعدة: ولا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول"، ولكننا استثنينا منها شيئا وهو الحبوب، والثمار، والركاز، وربح التجارة، ونتاج السائمة، والعسل، وعروض التجارة ستة أشياء:
الأول: الحبوب والثمار، وما دليلها؟ قوله تعالى: {وءاتوا حقه يوم حصاده} [الأنعام: ١٤١].
الثاني: ربح التجارة، دليله قوله تعالى: {يا أيها الذين ءامنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم} [البقرة: ٢٦٧]. لأن المسلمين يُزكون ما كسبوا عند تمام حول الأصل؛ ولأنه تابع، والتابع على اسمه تابع للأصل.