٩٢١ - عن أبي أُمَامَة الباهلي (رضي الله عنه) قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول: «إن الله قد أعطى كل ذي حقًّ حقَّه، فلا وصية لوارث» رواه أحمد، والأربعة إلا النسائي، وحَسَّنَهُ أحمد والترمذي، وقواه ابن خزيمة، وابن الجارود، ورواه الدارقطني من حديث ابن عباس (رضي الله عنهما)، وزاد في آخره:«إلا أن يشاء الورثة». وإسناده حسنٌ.
قال:«إن الله أعطى كل ذي حق حقه» يعني: بعد الموت، «كل ذي حق حقه» أي: كل صاحب حق حقه الذي اقتضته حكمته؛ لقوله تعالى:{آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا}[النساء: ١١]. فأعطى الأب نصيبه مع الفرع الوارث وعدمه، وأعطى الأم نصيبها مع الفرع الوارث وعدمه، مع الإخوة وعدمهم، أعطى الأزواج نصيبهم مع الفرع الوارث وعدمهم، أعطى الإخوة لأم نصيبهم مع الانفراد والتعدد، أعطى الإخوة الأشقاء نصيبهم ذكورًا وإناثًا، كل أحد أعطاه الله حقه.
«فلا وصية لوارث» لا نافية للجنس، ولهذا بُني ما بعدها على الفتح «ولا وصية» لا قليلة ولا كثيرة «لوارث» أي: لمن يرث بالفعل أو بالتقدير، بالفعل يعني: لا لمن يصلح أن يكون وارثًا، ولكن لمن هو وارث بالفعل فإنه لا وصية له، يقول في اللفظة الثانية:«إلا أن يشاء الورثة» فلا بأس، «لا وصية لوارث» لا بقليل ولا بكثير، أخذنا ذلك من أن «الوصية» نكرة في سياق النفي فتعمُ، بل إن هذا النفي أعني نفي «لا» النافية للجنس من أقوى دلالات النفي على الانتفاء، ولهذا يقولون: إن نفيها نصٌّ في العموم أي: لا وصية لوارث لا قليلة ولا كثيرة، لوارث بالفرض أو بالتعصيب أو بهما، بهما، يعني: سواء كان الوارث وارثًا بالفرض كالزوج أو بالتعصيب كالعم أو بهما كالأب مع الإناث من الفروع فإنه لا وصية لوارث أبدًا، قال في اللفظ الثاني:«إلا أن يشاء الورثة»، هذا مستثنى من قوله:«لا وصية لوارث» وقوله: «إلا أن يشاء الورثة» المراد بالورثة من تعتبر مشيئتهم وهم الذين يصح تبرعهم، فأما السفيه والصغير والمجنون فلا عبرة بمشيئتهم، فلو أن رجلاً له ثلاثة أولاد أوصى لأحدهم بمائة درهم وكان الولدان الآخران