وعلى هذا فنقول: المستحاضة تؤمر بالاغتسال لكل صلاة, وإذا شق عليها أن تغتسل للصلوات الخمس اغتسلت ثلاثة مرات, وتجمع بين الظهر والعصر, وبين المغرب والعشاء, لكن هذا الاغتسال ليس بواجب وإنما هو سنة كما سنذكر - إن شاء الله - وحينئذٍ نقول: إذا لم تغتسل فالأفضل أن تصلي كل صلاة في وقتها, فإن قالت إنه يشق عليها؛ قلنا لها: أن تجمع ولو تطهرت بالوضوء.
[أحكام الاستحاضة]
١٣٢ - وعن حمنة بنت جحشٍ قالت: «كنت أستحاض حيضةً كثيرةً شديدةً, فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم أستفتيه, فقال: إنما هي ركضة من الشيطان, فتحيضي ستة أيام, أو سبعة أيام, ثم اغتسلي, فإذا استنفأت فصلي أربعةً وعشرين, أو ثلاثةً وعشرين, وصومي وصلي, فإن ذلك يجزئك, وكذلك فافعلي كل شهر كما تحيض النساء, فإن قويت على أن تؤخري الظهر وتعجلي العصر, ثم تغتسلي حين تطهرين وتصلي الظهر والعصر جميعًا, ثم تؤخرين المغرب وتعجلين العشاء, ثم تغتسلين وتجمعين بين الصلاتين؛ فافعلي, وتغتسلين مع الصبح وتصلين. قال: وهو أعجب الأمرين إلي». رواه الخمسة إلا النسائي, وصححه الترمذي, وحسنه البخاري.
قوله: «حيضة كثيرة» أي: في الكم. «شديدة» يعني: في الاندفاع, يعني: تطول مدتها وهي شديدة, أي: يخرج منها دم كثير.
قولها: «أستفتيه» أي: أطلب منه الفتيا, والنبي صلى الله عليه وسلم مفت, والله تعالى أيضا مفت, والفتيا: هي الإخبار عن حكم شرعي, وحينئذ يكون معنى «أستفتيه»: أي أطلب منه أن يخبرني بحكم شرعي فيما نزل بها, وقوله: «إنما هي ركضة» الركضة بمعنى: الدفعة, كما قال الله تعالى: {اركض برجلك} [ص: ٤٢]. يعني: ادفع بها, «من الشيطان» يعني: أن الشيطان دفع الرحم, فنزل منه الدم, «فتحيضي ستة أيام أو سبعة أيام, ثم اغتسلي» , «تحيضي» أي: اجلسي للحيض ستة أيام, أو سبعة, و «أو» هنا ليست للتخيير ولكنها للتنويع؛ لأن غالب النساء يجلسن ستة أيام أو سبعة, فتنظر إلى أقاربها هل عادتهن سبعة أيام أو ستة أيام, فتجلس كما هي عادة الأقارب, «ثم اغتسلي» بعد أن تحيضت ستة أيام أو سبعة وجوبًا؛ لأننا حكمنا بأن هذه الأيام الستة أو السبعة حيض.