والمؤلف رحمه الله أراد بسياق هذه الأدلة الدالة على وجوب المضمضة والاستنشاق أراد بذلك التأكيد، وإلا فلا شك أن الأنف والفم داخلان في الوجه.
[استحباب تخليل اللحية]
٣٦ - وعن عثمان رضي الله عنه قال:"إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخلل لحيته في الوضوء". أخرجه الترمذي، وصححه ابن خزيمة.
اللحية معروفة: هي الشهر النابت على اللحيين والخدين كما ذكر ذلك صاحب القاموس، وعلى هذا فالعوارض من اللحية، ولا ضرر أن تكون اللحية مشتملة على اسم يعم أجزاء لكل واحد منها اسم خاص، كما لو قلت:"اليد" مثلا فيها الكف، وفيها الأصابع، وفيها الذراع، وفيها المرافق، وكلها يشملها اسم اليد، كذلك أيضا اللحية نقول: هي لكل شعر الوجه واللحيين، ولا مانع من أن نقول: هذا عارض، وهذا ذقن، وهذا كذا، وهذا كذا، لا مانع، وإنما أشرت إلى هذا؛ لأن بعض الناس قال: إن المراد باللحية: الذقن فقط دون ما ينبت على اللحيين، ودون ما ينبت على الخدين؛ لأن ذلك له اسم خاص، فيقال: إنه لا مانع من أن يكون الاسم يطلق على شيء له أجزاء لكل واحد منها اسم خاص، الرأس الآن فيه مؤخر ويمين وشمال وهو يطلق عليه اسم رأس.
قوله:"كان يخلل لحيته في الوضوء"، أي: يدخل الماء فيما بين الشعر من أجل أن يصل الماء إلى جميع الشعر، وظاهر الحديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخللها مع طولها، ومن المعلوم أن لحية النبي صلى الله عليه وسلم كانت كثة عظيمة.
فيستفاد من هذا الحديث: استحباب تخليل اللحية، ولا يكون وجوبا؛ لأن ذلك مجرد فعل، والفعل لا يدل بمجرده على الوجوب.
ومن فوائد هذا الحديث: أنه ينبغي تطهير الشعر النابت على محل الفرض، وأما الشعر الذي دونه كالشعر الذي على الرقبة فلا، ولم يذكر شعر الحاجب وشعر الأهداب؛ لأن هذه لا