للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[استحباب الكثرة في الجماعة]

٤٠١ - وعن أبيَّ بن كعب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صلاة الرَّجل مع الرَّجل أزكى من صلاته وحده، وصلاته مع الرَّجلين أزكى من صلاته مع الرَّجلن وما كان أكثر فهو أحب إلى الله عز وجل". رواه أبو داود، والنَّسائيُّن وصحَّحه ابن حبَّان.

قوله: "صلاة" مبتدأ، و"أزكى" خبر، والظرف "مع" حال أزكى، يعني أكثر أجرًا، مأخوذ من الزكاة وهو النمو فهو أكثر أجرًا.

وقوله: "وصلاته مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل" يعني: أكثر أجرًا، وما كان أكثر فهو أحب إلى الله عز وجل إذن صلاته مع الثلاثة أزكى من رجلين، ومع الأربعة أزكى من الثلاثة وهكذا.

هذا الحديث يخبر الرسول -عليه الصلاة والسلام- فيه أن الجماعة أكثر من الانفراد، لماذا؟ حثًا للأمة على الجماعة، وعلى كثرة الجمع، فإذا كانوا مثلًا طائفة تتكون من عشرة رجالن وقالوا سنصلي خمسة وخمسة ماذا نقول؟ هذا خطأ؛ لأن الجماعة ربما تحصل بخمسة وخمسة، لكن ما كان عشرة فهو أحب إلى الله من خمسة، فاجتمعوا لأن الشرع يحب الاجتماع.

يستفاد من هذا الحديث فوائد: أولها: أن الجماعة ليست شرطًا لصحة الصلاة، من أين تؤخذ؟ من قوله: "صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده"، وجد الدلالة: أن التفضيل يدل على أن الطرفالمفضل عليه فيه زكاة، ولو كان فاضلًا ما حصل فيه زكاة.

ويستفاد منه: أن صلاة الجماعة ليست بواجبة؛ لأن الرسول صلى الله عيله وسلم قال: "أزكى" لكن الحديث ليس فيه دليل على عدم الوجوب؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم إنما يخبر هنا عن فضل الجماعة وفضلها لا أنه ينفي وجوبها؛ إذ إن الفضل يكون في الواجب ويكون في أوجب الواجبات، قال الله عز وجل: {يا أيُّها الَّذين ءامنوا هل أدلُّكم على تجارةٍ تنجيكم من عذابٍ أليمٍ (١٠) تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل اللع بأموالكم وأنفسكم} [الصف: ١٠ - ١١]. ومع ذلك الإيمان من أوجب الواجبات، وكذلك قال تعالى في صلاة الجماعة: {يا أيُّها الَّذين ءامنوا إذا نودي للصَّلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خيرٌ لكم} [الجمعة: ٩ - ١٠].

فالمهم: أن ترتيب الفضل على العمل لا يدل على الوجوب، لكن لا يدل على عدم الوجوب أيضًا، وبينهما فق؛ لأننا إذا قلنا: يدل على عدم الوجوب، فمعناه أنه يعارض الأدلة

<<  <  ج: ص:  >  >>