يستقيم الكلام بأن نقول: دخول الجنة على وجهين: الوجه الأول: الدخول المطلق الكامل الذي لم يسبق بعذاب، والدخول الثاني: مطلق دخول، يعني: قد يسبق بعذاب إلى أجل، الله أعلم به فأيهما المراد هنا؟
الثاني، فالانتفاء هنا يعني: أنه لا يدخل الدخول المطلق الذي لم يسبق بعذاب، بل لابد أن يكون هناك عذاب على قطيعة الرحم، ثم ماله إلى الجنة، فإذا قال قائل: هل هذا الإطلاق مقيد؟
قلنا: نعم، مقيد بقوله تعالى:{إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء}[النساء: ١١٦]. وعلى هذا فمن الممكن أن يغفر لقاطع الرحم ويدخل الجنة، فإن قال قائل: إذا قلتم هذا بهذا الترتيب عدمت الفائدة من هذا الوعيد؛ لأنك إذا قلت: لا يدخل الدخول المطلق بل دخوله مقيد مسبوق بعذاب وهو مطلق الدخول ثم قلت: إن هذا الوعيد يمكن أن يرتفع بمغفرة الله لقوله: {إن الله لا يغفر أن يشرك به ... } الآية، إذن ما الفائدة؟ قلنا: الفائدة هي أن كون الذنوب التي دون الشرك تحت مشيئة الله فيها خطر على الإنسان، من الذي يضمن أن الله شاء أن يغفر له؟
لا أحد، إذن فالوعيد محقق والخطر محقق، لكن قد يعفو الله - تعالى - عن الإنسان بفضله وكرمه.
في هذا الحديث: دليل على أن قطيعة الرحم من كبائر الذنوب؛ لأنه رتب عليها عقوبة في الآخرة.
[النهي عن عقوق الوالدين]
١٣٩٧ - وعن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«إن الله حرم عليكم عقوق الأمهات، ووأد البنات، ومنعًا وهات، وكره لكم قيل وقال، وكثرة السؤال وإضاعة المال» متفق عليه.
ثلاث وثلاث، ثلاث عبر عنهن النبي صلى الله عليه وسلم بأن الله حرمها وثلاث بأن الله كرهها فهل هناك فرق في الحكم بين هذه وهذه؟ أو هو اختلاف في التعبير؟
الجواب: الثاني، اختلاف في التعبير؛ لأن الله إذا كره شيئًا فهو حرام، كما قال تعالى - حين ذكر كثيرًا من المحرمات:{كل ذلك كان سيئه عند ربك مكروهًا}[الإسراء: ٣٨]. نقول: الحديث