٣٠٢ - وعن فضالة بن عبيد رضي الله عنه قال:"سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلًا يدعو في صلاته، ولم يحمد لله، ولم يصل على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: عجل هذا، ثم دعاه، فقال: إذا صلى أحدكم فليبدأ بتحميد ربه والثناء عليه، ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ثم يدعو لما شاء". رواه أحمد، والثلاثة، وصححه الترمذي، وابن حبان، والحاكم.
هذا الحديث- كما ترون- مطلق أو مجمل، لم يبين الرسول- عليه الصلاة والسلام- كيف يحمد الله، وكيف يثنى عليه، وكيف يصلى عليه صلى الله عليه وسلم، فيمكن أن يفصل بالتشهد، لأن التشهد أوله ثناء على الله، ثم سلام على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى عباد الله الصالحين، ثم صلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ثم بعد ذلك يدعو الإنسان، فيحمل هذا الحديث الذي أجمل فيه الرسول- عليه الصلاة والسلام- حمد الله، والثناء عليه، والصلاة على رسوله صلى الله عليه وسلم على التشهد، وأنه ينبغي للإنسان في تشهده أن يبدأ بالتشهد، ثم بالسلام على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم على عباد الله الصالحين، ثم الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والتبرك، ثم يدعو، والأفضل في هذا المقام وفي غيره: أن يتخير الإنسان من الأدعية ما وردت به السنة قبل كل شيء، حتى وإن لم يكن من الدعاء الواجب فإنه ينبغي أن يختاره قبل كل شيء، ثم بعد هذا يدعو بما شاء، هذا هو الأفضل، ولا نقول كما قال بعض الناس: لا تدع إلا بما جاءت به السنة ولا تزد عليه، فإن هذا خطأ، لأن الرسول- عليه الصلاة والسلام- قال في حديث ابن مسعود:"ثم ليتخير من الدعاء ما شاء" وأطلق، فنقول: ما وردت به السنة هو خير مما تدعو به أنت، ثم بعد ذلك تدعو بما شئت، مما وردت به السنة ما سيأتي- إن شاء الله تعالى- وهو أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يستعيذ الإنسان من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال، فإن الدعاء هذا واجب عند كثيرٍ من أهل العلم، حتى إن أحد التابعين- وهو طاوس- لما صلى ابنه لم يدع بذلك أمره أن يعيد الصلاة.
فالدعاء بهذا- أي: التعوذ من هذه الأربعة- واجب عن بعض أهل العلم، وهو أحد الوجهين في مذهب الإمام أحمد رحمه الله، فلا ينبغي للإنسان أن يدعه، وكون الناس يتهاونون به لاسيما في صلاة التراويح هذا من الجهل، كيف يتساهل بهذا الدعاء العظيم؟ تستعيذ بالله من