في قوله تعالى: {فاسجدوا لله واعبدوا} [النجم: ٦٢]. وعليه فيكون معناه معنى حديث أبي هريرة الذي قبله.
[الأوقات التي نهي عن الصلاة فيها]
١٥٤ - وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لا صلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس, ولا صلاة بعد العصر حتى تغيب الشمس». متفق عليه.
- ولفظ مسلم: «لا صلاة بعد صلاة الفجر».
يقول: «لا صلاة بعد الصبح» «لا» نافية للجنس, و «صلاة» تعني: بناء على هذا الفرض والنفل, وتشمل الصلاة ذات الركوع والسجود, وما ليس بذات ركوع وسجود كصلاة الجنازة, وقوله: «بعد الصبح» يحتمل أن المراد: بعد صلاة الصبح, ويحتمل أن المراد: بعد طلوع الشمس, لكن رواية مسلم تبين أن المراد: بعد صلاة الصبح, ولذلك لا صلاة بعد صلاة الفجر, وكذلك أيضًا ورد في أحاديث أخرى غير حديث أبي سعيد التصريح بأن المراد: الصلاة؛ حيث قال الراوي: «نهى عن الصلاة بعد صلاتين: صلاة الفجر, وصلاة العصر».
وقوله: «حتى تطلع الشمس» المراد: حتى تطلع كاملة, أو حتى يطلع قرنها الأول والثاني, ولكن مع ذلك سيتبين فيما يأتي - إن شاء الله - في حديث عقبة أن النهي يمتد إلى أن ترتفع الشمس قيد رمح, «ولا صلاة بعد العصر حتى تغيب الشمس». «بعد العصر» , أي: بعد صلاة العصر, «حتى تغيب الشمس» أي: يغيب قرنها الأعلى, يعني: تغيب كلها.
فإذا قال قائل: ما هي الحكمة في ذلك؟
قلنا: الحكمة في هذا أشار إليها النبي صلى الله عليه وسلم «أن الشمس تطلع بين قرني شيطان» , فإذا رآها المشركون سجدوا لها, وكذلك في الغروب تغرب بين قرني الشيطان, ولعلهم يسجدون لها وداعًا, فهم يسجدون لها استقبالًا عند طلوعها ووداعًا عند خروجها, فنهينا عن الصلاة في هذين الوقتين؛ لئلا يكون ذلك ذريعة إلى التشبه بهم.
فلنأخذ الفوائد:
قوله: «لا صلاة» ذكرنا أن المراد: العموم, أي صلاة تكون, لكن نستثني من ذلك شيئًا, ثم هل المراد نفي الصلاة, أو نفي صلاتها, أو نفي كمالها؟