للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخيار أو لا؟ الجواب: في ذلك تفصيل إن كان عالمًا بالحكم فلا خيار له على أنه مستهتر أو متهاون، وإن كان غير عالم فله الخيار.

ففي هذا الحديث: لو أن رجلًا باع عبدًا واشترط على المشتري أنه إن أعتقه فالولاء له فوافق المشتري، من المعلوم أن القيمة سوف تنقص، البائع إذا كان بيعه بلا شرط بمائة، يبيعه بشرط تسعين فينقص من أجل الشرط، هذا رجل باعه فقلنا: إن هذا الشرط باطل ولا يمكن الوفاء به، فهل نقول للبائع: الخيار إن شاء أمضى البيع بتسعين وإن شاء ردّه، فيه التفصيل الذي ذكرنا، إن كان يعلم أن هذا الشرط فاسد فإنه لا خيار له؛ لأنه دخل على بصيرة، وإن كان لا يعلم لظنه أنه شرط صحيح فله الخيار هذا هو القول الراجح، وقال بعض العلماء: لا خيار له مطلقًا؛ لأنه فرَّط، ولأن النَّبيّ صلى الله عليه وسلم لم يجعل لهؤلاء خيارًا -لأهل بريرة-؛ لأن من المعلوم أن بريرة عتقت تحت ملك عائشة، ولكن الصحيح أن له الخيار إذا كان جاهلًا، وظاهر الحديث أن أهل بريرة كانوا قد علموا ذلك لكنهم تجرءوا بدليل قوله: "خذيها ... إلخ"، وبدليل أن الرسول خطب واستنكر هذا الشيء، ومثل هذا الأمر لا يكون إلا يعد أن يعلم أن الأمر متقرر عندهم.

ثم قال وعند مسلم قال: "اشتريها وأعتقيها واشترطي لهم الولاء"، هذه الأوامر الثلاثة ليست للوجوب ولا للاستحباب ولكن للإباحة، يعني: لا بأس أن تشتريها ولو كانت مكاتبة، ويستفاد من هذا اللفظ: أن المكاتب يجوز بيعه وأنه يجوز عتقه وهو كذلك، فيجوز بيع المكاتب ويقوم مشتريه مقام مكاتبه، وإذا أعتق فالولاء للمشتري، وإذا شاء المشتري أن يعجل عتقه فله ذلك.

[حكم أمهات الأولاد]

٧٥٨ - وعن ابن عمر رضي الله عنه قال: "نهى عمر عن بيع أمَّهات الأولاد فقال: لا تباع، ولا توهب، ولا تورث، يستمتع بها ما بدا له، فإذا مات فهي حرَّةٌ". رواه مالكٌ والبيهقيُّ، وقال: رفعه بعض الرُّواة، فوهم.

النَّهي سبق لنا أنه طلب الكف على وجه الاستعلاء.

فإن قال قائل: وهل لعمر أن ينهى ويأمر في شرع الله؟

قلنا: له ذلك بمقتضى خلافته، لا على أنه تشريع كما سيأتي -إن شاء الله- في بحث المسألة، فالنهي هنا؛ لأنه ذو سلطان، والسلطان له حق الأمر والنهي فيما تقتضيه السياسة والمصلحة لقوله

<<  <  ج: ص:  >  >>