يشاهدون الرسول - عليه الصلاة والسلام- وإذا كانوا في أطراف الصف لابد أن يلتفتوا فيكون هذا لمصلحة، بل لمصلحة وحاجة أيضا وهي متابعة الإمام؛ ولهذا أول ما صنع له منبر جاء ليصلي عليه على درجاته وقال:"إنما فعلت هذا لتأتموا بي ولتعلموا صلاتي".
ومن ذلك أيضا: أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث عينا في إحدى غزواته يبحث عن العدو، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم ينظر إلى الشعب الذي يأتي منه هذا العين. والعين هو الجاسوس هذا لحاجة، فالمهم أن الالتفات ببعض البدن مكروه إلا لحاجة أو مصلحة.
ومن فوائد هذا الحديث: التحذير من الالتفات؛ لأنك إذا التفت فقد ائتمرت بأمر عدو لك وهو الشيطان، والواجب الحذر من هذا، ولكن إبطال الصلاة وعدمه على حسب ما سمعتم. وقوله:"فإن كان ففي التطوع" هذه الكلمة زائدة إن صحت فهي أصل من الأصول في أن النوافل تختلف عن الفرائض، وقد جمعت الفروق فبلغت أكثر من عشرين فرقا بين صلاة النافلة وصلاة الفريضة.
[حكم البصاق في الصلاة وضوابطه]
٢٣٤ - وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إذا كان أحدكم في الصلاة فإنه يناجي ربه، فلا يبصقن بين يديه ولا عن يمينه، ولكن عن شماله تحت قدمه". متفق عليه.
- وفي رواية:"أو تحت قدمه".
هذا أيضا يتعلق بالخشوع في الصرة "إذا كان أحدكم في الصلاة" يعني: يصلي، والصلاة كلمة عامة تشمل الفرض والنفل، "فإنه يناجي ربه" أي: يكلمه بخفاء؛ لأن من أوصاف الصوت أن يكون نداء، وأن يكون مناجاة، ويدل لهذا قول الله - تبارك وتعالى- لموسى:{وندينه من جانب الطور الأيمن وقربنه نجسا}[مريم: ٥٢]. فإذا كان المخاطب بعيدا فنداء، وإن كان قريبا فمناجاة فقوله:"يناجي ربه" أي: يكلمه، والرب عز وجل يكلم لكن بصوت مرتفع أو خفي؟ خفي.
"فلا يبصقن بين يديه" البصاق: معروف، وما بين يديه يعني: بينه وبين موضع سجوده، وكلما قرب فهو أقبح بين يديه، "ولا عن يمينه"، إذن أين يبصق؟ يقول:"ولكن عن شماله تحت قدمه"، وفي رواية "أو تحت قدمه" عن شماله بعيد من القدم، أو "تحت قدمه" أي القدمين؟