قسمان: قسم في طلب ما لا يستطيع من حقك فهذا حرام عليك أن تعسره بل يجب التيسير، كرجل له مال عند شخص والمدين لا يستطيع الوفاء، فهنا يجب أن تيسر عليه وجوبًا؛ لقول الله تعالى:{وإن كان ذو عسرةٍ فنظرةً إلى ميسرةٍ}. ولا يحل لك طلبه ولا مطالبته، بل الواجب الإنظار، وهناك تيسير ليس بواجب فهذا يندب إليه.
فإن قال قائل: هل هذا الجزاء يشمل الواجب والمستحب؟
قلنا: نعم، يشمل هذا وهذا، بل التيسير الواجب أفضل من التيسير المستحب.
ومن فوائد الحديث: أن من ستر مسلمًا ستره الله في الدنيا والآخرة، ففيه الحث على ستر المسلم، ولكن هذا ليس على إطلاقه، فالستر على حسب المصلحة، إن كان في ستره مصلحة عبارة عن شيء حصل ولن يعود إليه فيما نعلم من حاله فهنا الستر أفضل، وإذا كان العيب من شخص معروف بالشر والفساد فالواجب كشفه وبيانه حتى ينكف شره عن عباد الله، فهذا الحديث ليس على إطلاقه بل تقيده النصوص الأخرى، وهو أن الله لا يحب الفساد، وستر من عرف بالفساد سبب [لنشر] الفساد.
ومن فوائد هذا الحديث: إثبات الآخرة والجزاء فيها، وهو ظاهر.
ومن فوائد الحديث: القاعدة العامة: "أن الله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه"، والمراد بذلك: عونه على ما لا ضرر فيه، وأما عونه على ما فيه ضرر في الدين وفي الدنيا فليس الله في عون صاحبه؛ لأن هذا فساد والله لا يحب الفساد، ولا يمكن أن يعين الله تعالى من أراد الفساد؛ إذن الله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه على الخير أو على ما لا مضرة فيه وهذا أدق وأما ما فيه مضرة دينية أو دنيوية فإن الله تعالى لا يأذن به ولا يعين فاعله.
[الدال على الخير كفاعله]
١٤٠٧ - وعن ابن مسعودٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من دل على خيرٍ؛ فله مثل أجر فاعله». أخرجه مسلم.
هذا أيضًا من الأحاديث العظيمة المهمة:"من دل على خير" أي خير كان، لكن لما قال:"فله مثل أجر فاعله" علمنا أن المراد بذلك: ما كان خيرًا في الدين بحيث يثاب عليه العبد، فمن دل على خير فله مثل أجر فاعله، والدلالة نوعان: إما أن يدله بنفسه على الخير فيقول مثلاً: يسن لك أن تصلي ركعتين في الضحى، يسن لك أن تختم صلاة الليل بالوتر وما أشبه ذلك،