٦١٥ - وعن عبد المطَّلب بن ربيعة بن الحارث رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنَّ الصَّدقة لا تنبغي لآل محمَّدٍ، إنَّما هي أوساخ النَّاس".
- وفي رواية "أنَّها لا تحلُّ لمحمَّدٍ ولا لآل محمَّدٍ". رواه مسلمٌ.
"الصدقة" هنا كلمة عامة تشمل الزكاة وصدقة التطوع، أما كونها تشمل صدقة التطوع فظاهر؛ لأن الصدقة في الأصل لا يفهم منها عرفًا إلاّ صدقة التطوع، وأما شمولها للصدقة الواجبة فلقوله تعالى:{إنما الصدقات ..... }، وهذه للزكاة لقوله في آخرها:{فريضة من الله والله عليم حكيم}[التوبة: ٦٠]. هنا هل المراد بالصدقة الواجبة والمستحبة، أم الواجبة؟ ننظر، إن أخذنا بالعموم قلنا: إنها شاملة لصدقة التطوع والواجبة وهي الزكاة، وإن نظرنا إلى التعليل:"إنما هي أوساخ الناس" رجحنا أن المراد بها: الزكاة؛ لأن الزكاة هي التي تنظف المال وتطهره من الآفات، فهي إذن كالماء الذي تغسل به النجاسات فيكون وسخًا، وهذا التعليل لا ينطبق على صدقة التطوع؛ لأن صدقة التطوع مكفرة للذنوب وليست مطهرة للأموال؛ لأنها ليست واجبة، وهذا هو ما ذهب إليه الجمهور؛ بمعنى: أن المراد بالصدقة هنا: الزكاة، ولكن بعض أهل العلم يقول: إنها عامة تشمل الصدقة الواجبة وصدقة التطوع.
يقول:"إن الصدقة لا تنبغي" سبق لنا أن كلمة "لا تنبغي" في القرآن والسُّنة معناها الامتناع، يعني: ممتنعة، "لا تحل لآل محمد"، "آل محمد" هم بنو هاشم، محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم فمن كان من ذرية هاشم فهو من آل محمد، ومن فوقه من بني عبد مناف، ومن فوقه فإنهم ليسوا من آل محمد فآل الشخص إلى الجد الرابع فقط؛ إذن لا تحل لبني هاشم ذكورهم وإناثهم، لأنه قال:"لا تنبغي لآل محمد".
ثم قال:"إنما هي أوساخ الناس" هذه جملة حصرية، أداة الحصر فيها "إنما" يعني: ما هي إلا أوساخ الناس، وأوساخ الناس لا ينبغي أن تكون لأطيب الناس عرقًا، وهم بنو هاشم، فإن بني هاشم أطيب الناس عرقًا ونسبًا، فلا تحل لهم الزكاة، لأنهم أشرف من أن يأخذوا أوساخ الناس.
وقوله:"أوساخ الناس" المراد بالناس هنا: الذين تجب عليهم زكاة لا كل أحد؛ لأنه ليس كل أحد عليه أن يزكي، فهو إذن عام أريد به الخاص.
[مسألة مهمة]
أحيانًا نسمع عام مخصوص، ونسمع عام أريد به الخاص، فهل بينهما فرق؟ نعم، الفرق بينهما أن العام المخصوص لفظ عام أريد عمومه، ثم أخرج من هذا العموم شيء من الأفراد: