فكان ذكر النشور هنا مناسبًا تمامًا، وإذا أمسى مثل ذلك إلا أنه يقول:"بك أمسينا ... الخ"، "المصير": المرجع؛ لأن آخر النهار كآخر الدنيا، الإنسان يكون مقبلاً على موت النوم أو على وفاة النوم على الأصح، وهذا يشبه مصير الإنسان إلى ربه تعالى عند موته.
في هذا الحديث فوائد: أولاً: أنه ينبغي للإنسان أن يدعو بهذا الدعاء صباحًا ومساءًا تأسيًا بالرسول صلى الله عليه وسلم وابتغاءً لثواب الله بهذا التأسي وثناء على الله عز وجل بأن الأمور بيده- تبارك وتعالى-.
ومن فوائد الحديث: أن الإصباح والإمساء بيد الله، وأن الحياة والموت بيد الله، وأن النشور بيد الله، وأن المصير إلى الله عز وجل وبيد الله أيضًا.
ومن فوائد الحديث: عموم ربوبية الله عز وجل في كل وقت صباحًا ومساءً وما بين ذلك لقوله: "بك أصبحنا وبك أمسينا وبك نحيا وبك نموت وإليك النشور".
[الدعاء بالحسنة في الدنيا والآخرة]
١٤٩٦ - وعن أنسٍ رضي الله عنه قال:"كان أكثر دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم: ربنا آتنا في الدنيا حسنةً وفي الآخرة حسنةً، وقنا عذاب النَّار}. متفق عليه.
لا يخفى علينا جميعًا أن قول القائل: "ربنا آتنا" يعني: نداء، وقوله: "آت" بالمد بمعنى: أعط، وهو ينصب مفعولين: الأول: "نا" والثاني: "حسنة" وقوله: "وقنا"، فهل الفعل هو الواو والقاف، أو الواو عاطفة؟ الجواب: الواو عاطفة، والقاف هي الفعل؛ لأنها من وقى، وإذا صيغ من وقى فعل أمر وجب حذف حرف العلة وهي الواو في أوله والألف في آخره فنقول في "وقى": ق، وفي "وعى" ع، وفي "في" ف، ولذلك لو قال لك قائل: ما وزن ع من وعى؟ نقول: وزنها ع، ووزن ق ع ووزن ف ع، الميزان عبارة عن كلمات تقابل بميزان مكون من الفاء والعين واللام، ونقول وزن ضرب فعل، ووزن سمع فعل، ووزن يفرح يفعل، ووزن يضرب يفعل، إذن ق فعل أمر على وزن ع.
في هذا الحديث: أن الرسول صلى الله عليه وسلم يكثر من هذا الدعاء لقوله: "كان أكثر دعاء الرسول"، وفي كلام شيخ الإسلام رحمه الله في منسكه ما يفيد أن النبي صلى الله عليه وسلم يختم به الدعاء حيث علل، يكون الطائف يقول بين الركن اليماني والحجر الأسود: "ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة"، قال: لأن هذا هو ختام الشوط، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يختم دعاءه بـ"ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي