عند الله وقال بعض العلماء بل ينظر للقرائن فإذا كان المقتول معروفًا بالشر والفساد أو قد سبق منه تهديد للقاتل فإن دعوى القاتل أنه مدافع دعوى صحيحة لأن كونه يتهدده، بالقتل أو يتحدث إلى الناس بأنه سيقتل فلانًا يدل دلالة واضحة على أنه هو القاتل وكذلك إذا عرف أن القاتل رجل مستقيم الدين بعيد عن العدوان، وأن هذا صاحب شرٍّ معروف بالعدوان ولاسيما إن قتله في بيته -بيت القاتل- فهذه قرينة واضحة تدل على صدقه فيحكم ببراءته وأنه لا شيء عليه وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وهو الأصح.
[ترك القصاص في الجروح قبل البرء]
١١٢١ - وعن عمرو بن شعيٍب، عن أبيه، عن جدِّه رضي الله عنه:"أنَّ رجلًا طعن رجلًا بقرٍن في ركبته، فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أقدني. فقال: حتَّى تبرأ. ثمَّ جاء إليه. فقال: أقدني، فأقاده، ثمَّ جاء إليه. فقال: يا رسول الله، عرجت، فقال: قد نهيتك فعصيتني، فأبعدك الله وبطل عرجك، ثم نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقتصَّ من جرٍح حتَّى يبرأ صاحبه". رواه أحمد، والدَّارقطنيُّ، وأعلَّ بالإرسال.
القرن معروف قرن الماعز أو غيره، طعنه أي ضربه بهذا القرن في الركبة ومعروف أن الركبة في بعض مواضعها طعنها يكون سبب لعرج الركبة، ومعنى أقدني، يعني: خذ لي القود من هذا الذي ضربني فقال النبي صلى الله عليه وسلم حتى تبرأ، يعني: انتظر حتى تبرأ من أثر هذه الطعنة ثم جاء إليه فقال ... إلخ.
وقوله:"فأقاده" يعني: اقتص له من الذي طعنه وبماذا اقتص؟ اقتص بقول الله تعالى:{فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم} أي: أنه طعن هذا الطاعن رجلًا بقرن أو ما يقوم. مقامه في ركبته ثم جاء المطعون فقال يا رسول الله عرجت؛ أي: من طعن هذا الرجل؟ فقال:"قد نهيتك فعصيتني" أين النهي؟ قوله:"حتى تبرأ" لأن تقدير الحديث: لا أقيدك حتى تبرأ فأبعدك الله يحتمل أن يكون خبًا ويحتمل أن يكون دعًاء فإن كان دعًاء فإنه مشكل حيث يدعو عليه النبي صلى الله عليه سلم بهذا الدعاء مع أنه أجابه إلى طلبه فأقاده وإن كان خبرًا فالمعنى أن الله أبعدك أي أبعدك حكمًا أي أنك لا تدرك على هذا الجاني شيئًا الآن لأنك استقدت قبل أن تبرأ وبطل عرجك أي بطل قود عرجك ثم نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقتص من جرح، يعني: أن يجرح الجارح حتى يبرأ المجروح لماذا لأجل أن تعرف الغاية وهل تسري الجناية أو لا تسري وحين يستقر الواجب إما بدية أو قصاص؟