الدية عن العاقلة إذا كانوا فقراء مطلقًا أو تجب في بيت المال؟ الحديث هذا لم يبين ومن ثمَّ اختلف العلماء في تخريجه وهو لا يخلو إما من باب الدفاع عن النفس وإما أن يكون من باب تحميل العاقلة لهذه الجناية وإذا كانت العاقلة فقراء فإنه يسقط ما يجب عليهم لأنه يشترط في تحمل العاقلة أن يكون العقل غنيًّا.
من فوائد الحديث: أنه لا قصاص على الغلمان وذلك لعدم التكليف وقد مر علينا أن من شرط القصاص أن يكون الجاني بالغًا عاقلًا.
ومن فوائده: على أحد الاحتمالين أن العاقلة تحمل عمد الصبي.
ومن فوائده: إذا كانت العاقلة فقراء فإنه لا شيء عليهم أما على الاحتمال الثاني أنه قطع أذنه دفعًا لصوله أنه يفيد أن من قطع أذن شخص أو قتله دفاعًا عن نفسه فإنه لا شيء عليه وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال فيمن جاء يطلب مال الشخص قال: "لا تعطه" قال: أرأيت إن قاتلني، قال:"قاتله"، قال: أرأيت إن قتلني، قال:"فأنت شهيد". قال: أرأيت إن قتلته. قال:"هو في النار".
وهذا يدل على أن دمه هدر؛ أي: دم المقتول، ولكن يجب أن نعلم أنه لا يجوز أن يرتقي إلى شيء وهو يتمكن من الدفاع بما هو أسهل فإذا كان يمكن الدفاع بالضرب على الأشياء التي تجعله يغمى عليه فإنه لا يجوز قتله وإذا أمكن دفع شره بوثاقه فإنه لا يجوز قتله وإذا أمكن دفع شره بحبسه في حجرة أو غيرها فلا يجوز قتله المهم أن يستعمل في حقه الأسهل فالأسهل فإذا لم يندفع إلا بالقتل فإنه يقتل ولكن إذا خاف أن يبدره بالقتل أي أن المصول عليه خاف أن الصائلة يبادره بالقتل فحينئٍذ له أن يبدأ بالقتل لأنه في هذه الحال لا يمكن دفع شره إلا بمبادرة القتل.
فإن قال قائل: كيف تجيبون عما إذا رأى الرجل شخصًا يزني بأهله فإنه يجوز أن يقتله بدون إنذار؟
قلنا: إن هذا ليس من باب دفع الصائل ولكنه من باب عقوبة المعتدي ونظيره أن من اطلع عليك من شقوق الباب فإنه يجوز أن تفقأ عينه بدون إنذار لأن هذا من باب عقوبة المعتدي وليس من باب دفع الصائل فإن قيل: إذا نفي أولياء المقتول أن قتيلهم قد صال على القاتل وقالوا إنه لم يصل عليه فهل تقبل قول القاتل إنه قتله دفاعًا عن نفسه؟ الجواب: لا، لأن القتل ثبت ودعوى أنه كان دفاعًا عن النفس يعتبر دعوى جديدة والبينة على المدعي واليمين على من أنكر ولو أننا قبلنا مثل هذه الدعوى لكان كل من أراد أن يقتل شخصًا ١ ذهب فقتله ثم قال: إنني قتلته دفاعًا عن النفس وهذا هو المشهور من المذهب وعلى هذا فإذا قتل القاتل المدافع عن نفسه الذي ليس عنده بينة فإنه يكون في هذه الحال مأجورًا على ما حصل من قتله ومئابًا