"التعزيز" يطلق على عدة معان، منها: النصرة كما فى قوله تعالى: {لتؤمنوا بالله ورسوله وتعزروه}[الفتح: ٩].أى تعزروا الرسول صلى الله عليه وسلم وذلك بنصره، ومنها: التأديب كما هنا، والتأديب في الواقع فيه نصرة لقول النبي الرسول صلى الله عليه وسلم:"أنصر أخاك ظالماً أو مظلومًا) قالوا: يا رسول الله، هذا المظلوم فكيف نصر الظالم؟ قال: " أن تمنعه من الظلم"، والتعزير يمنع الإنسان من ظلم، فهذا وجه الارتباط بين كون التعزيز تأديبًا وكونه أيضًا نصرًا، وقولنا: إن التعزيز هو التأديب هل يتحدد بشيء معين؟ الجواب: لا، التعزيز لا يتحدد بشيء معين قد يكون بالمضرب، وقد يكون بأخذ المال، وقد يكون بالتخجيل أمام الناس، المهم أنه تأديب، فكل ما يحصل به التأديب فإنه تعزير، ولهذا نرى أن بعض الناس تجلده مائة جلدة ولا تأخذ منه درهمًا، وبعض الناس بالعكس خذ منه دراهم كثيرة ولا تجلده، ونرى بعض الناس أيضًا خجلة ما شئت ولا تأخذ منه درهمًا، وبعض الناس بالعكس خذ منه الدراهم ولا تخجله، فلكل مقام مقال فما يحصل به التأديب فهو مشروع أيًا كان ولهذا كان القول الصحيح أنه يجوز التعزير بالمال، ومنه: إحراق النبي صلى الله عليه وسلم رحل الغال من الغنيمة فإنه تعزير بالمال، لأنه يحرق رحله، ومنه إحراق أمير المؤمنين عمر دكان الخمار الذي كان يبيع الخمر، ومنه التعزير في غير المال وهو التعزير بحلق الرأس كما فعل عمر نصر بن الحجاج، كان فى المدينة شاباً وسيماً صارت النساء تتغزل به، فحلق عمر رضي الله عنه رأسه، فلما حلق رأسه ازدادت فتنة النساء به، فنفاه عن المدينة، فالمهم: أن التعزير يكون بما يحصل به التأديب.
وهل يجوز أن يعزر الإنسان بحلق اللحية؟ . لا، لأنه لايجوز أن يعزر بشيء محرم بعينه، وقد كان بعض الولاة الظلمة فيما سبق يعزرون بحلق اللحى، وصار بعض الناس اليوم يحلقون ويؤجرون على حلق لحاهم انقلبت الأوضاع.
هل يجوز التعزير بتسويد الوجه؟ يجوز لكن بشرط ألا يكون دائمًا لأن هذا ضرره عظيم.
هل يجوز التعزير بأن نركبه حمارًا ووجهه إلى ذيل الحمار؟ نعم يجوز؛ لأن هذا يحصل به التخجل، رجل من الشرفاء نركبه حمارًا وهو يركب كاديلاك فهذا تعزير جدُّا، ثم مع ذلك نجعل وجهه إلى عجز الحمار هذا ايضًا تعزير آخر، فإذا عرفت القاعدة قلت: إن التعزير هو التأديب ويختلف باختلاف الأحوال واختلاف الأشخاص.