للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يجوز التحجر بل المكان لما سبق، وهذا القول أرجح وأقرب للصواب؛ لأن الإنسان إنما يتقدم بنفسه لا بمنديله وكتابه وغير ذلك، ثم إن التحجر فيه مفسدة على المتحجر نفسه إذ إنه ربما يأتي وقد تمت الصفوف فيستلزم ذلك تخطي رقاب الناس، ثانيًا إذا علم أن مكانه متقدم فسوف يتساهل في التقدم ويقول ما دام مكان. مأمونًا فمتى شئت ذهبت وهذا ضرر عليه يفوت عليه أجرًا كثيرًا، ثالثًا أنه يوجب إيغار الصدور على هذا المتحجر، ولذلك نسمع دائمًا الشكاوي من الناس فلان جاء متقدمًا متأخرًا تقدم إلى الأمام وما أشبه ذلك فالذين قالوا بالتحريم أقرب، وهو اختيار شيخنا عبد الرحمن بن سعيد رحمه الله أما المذهب يقول: تحجر هذا المكان، ولو خرجت إلى أهلك أو غير ذلك ما دام العصا موجودة أو المسواك موجودًا أو المفتاح موجودًا فكأنك موجود، إذا قال قائل: هو يريد أن يضع عصاه ويذهب مثلاً في ناحية أخرى من المسجد ولم يخرج من المسجد، ماذا نقول فيه؟

الصحيح أنه لا بأس، ولا حرج لكن يجب عليه أن يلاحظ الصفوف إذا كان يلزم من تقدمه إلى مكانه أن يتخطى الرقاب فحينئذٍ يجب عليه أن يراعي ذلك.

ومن فوائد الحديث: أنه لو أقام الرجل الرجل من مجلسه لا ليجلس فيه فإنه لا بأس لقوله: «لا يقيمه ثم يجلس فيه» لكن هذه الفائدة غير مقيدة ولا مستفادة من الحديث، لأن هذا الحديث مبني على الأغلب، فو أقمته ولم تجلس فحرام عليك؛ لأنك حرمته مكانه الذي هو أحق به من غيره فيكون قوله: "ثم يجلس فيه" بناء على الغالب.

ومن فوائد الحديث: أنه ينبغي للحاضرين إذا قيل لهم تفسحوا في المجالس أن يفسحوا لأمر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، ولأن الله وعد خيرًا بهذا فقال: {يفسح الله لكم} وهذا وعد من الله يفسح الله لكم هل المعنى: أن المكان يتسع ويكون فيه بركة أو المعنى يفسح لكم من كل ضيق؟

الثاني أعم فيكون الجزاء من جنس العمل.

[لعق الأصابع والصحفة]

١٣٨٤ - وعن ابن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا أكل أحدكم طعامًا، فلا يمسح يده حتى يلعقها، أو يلعقها». متفق عليه.

المراد بالطعام هنا: ما يتعلق باليد وأما ما لا يتعلق فلا حاجة إلى لعق الأصابع مثاله: لو أكل الإنسان تمرًا جافًا هل يمكن أن نقول له: العق يدك؟

لا، لكن المراد الطعام الذي يعلق باليد يقول: «فلا يمسح يده» يعني: بالمنديل أو بثوبه أو

<<  <  ج: ص:  >  >>