للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتركه، فلما غدا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له: «ما فعل أسيرك البارحة» قال: يا رسول الله ادعى أنه ذو حاجة وعيال فأطلقته وقال: إنه لن يعود فقال: «كذبت وسيعود» فجاء في الثالثة فأمسكه وقال: لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فادعى أنه ذو حاجة وعيال، فقال: لا، لأرفعنك، فقال: ألا أخبرك بآية إذا قرأتها فإنه لا يزال عليك من الله حافظ ولا يقربك شيطان حتى تصبح، فقال: بلي أخبرني، فقال: آية الكرسي، فلما أصبح أبو هريرة أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك فقال: «صدقك وهو كذوب» صدقك في آية الكرسي، ثم قال: «أتدري يا أبا هريرة من تخاطب منذ ثلاث» قلت: الله ورسول أعلم، قال: «ذاك شيطان»

الحاصل/ أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقل لأبي هريرة: لماذا تمكنه من الأخذ وأنا لم أوكلك، فأجاز النبي صلى الله عليه وسلم تصرف أبي هريرة مع أنه يتصرف في مال زكوي، القول الثاني: أنه إذا كان زكاة فإنه لا يجوز، لأن الزكاة لا تصح إلا بنية سابقة على الفعل، وأنا متردد إلا في مسألة الزكاة المجموعة التي أمر الإنسان أن يحفظها ثم جاء مستحق وأعطاه، فهذه لا شك أن حديث أبي هريرة يدل عليها، وأما الزكاة التي لم تعد وأخرج عن صاحب المال بدون إذنه فهي محل تردد، لكن لو جاءني أحد يستفتي وقد فعل فقلت له: لا بأس، أما أنه سيفعل لقلنا: لا تفعل حتى تراجع صاحب المال.

[جواز التوكيل في قبض الزكاة]

٨٤٧ - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: «بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر على الصدقة ... » الحديث متفق عليه.

«بعث رسول الله عمر على الصدقة» عمر بن الخطاب رضي الله عنه معروف لدى الجميع، بعثه النبي صلى الله عليه وسلم ذات عام على الصدقة، يعني: يجمعها من الناس، هذا يدل على جواز التوكيل في قبض الزكاة وأنه يجوز لولي الأمر أن يوكل من يقبض الزكاة من أهلها، وإذا قبضها العامل من أهلها فإنها تبرأ بذلك ذممهم، فلو تلفت فلا ضمان على أهل الأموال، لو فرض مثلا أن إنساناً أخذ الصدقة من قبل الحكومة من أهلها ثم تلفت، مثل أن تكون بعيراً فندت أو دراهم فاحترقت أو ما أشبه ذلك، فإن أهل الزكاة الذين دفعوها لا يضمونها؛ لأن ذممهم برئت باستلام وكيل ولي الأمر، ولكن هل يضمن هذا الوكيل العامل؟ إن تعدي أو فرط ضمن، وإن لم يتعد ولم يفرط فلا ضمان، ومن هذا النوع الجمعيات الخيرية التي فيها ترخيص من الدولة، فإن قبضتها كقبض الدولة فلو أعطيتها زكاة ثم تلفت أو سرقت فإن ذمتك تبرأ، ولا ضمان عليهم إذا لم يتعدوا أو يفرطوا.

<<  <  ج: ص:  >  >>