لكن لو ترك رفع اليدين مثلاً عند تكبيرة الإحرام زهدًا في السُنة ورغبة عنها ماذا نقول؟ هذه كبيرة، أما لو تركها تهاونًا -يعني: كسلاً- فهذا ليس بكبيرة ولا يأثم بها، ففرق بين الذي يتركها رغبة عنها؛ لأن الذي يتركها رغبة عنها يكون قد حمل كراهة لها وبعدًا عنها، فيكون ما قام في قلبه هو الذي أثر فيه حتى جعل تركه للسنة كبيرة.
وقد يقول قائل: إن قوله: «من رغب عن سنتي» أي: عن سنته الواجب فعلها؟
فيقال: حَتَّى ولو حمل الحديث على هذا الوجه فإن ترك الواجب لا يُؤدي إلى الكبيرة إلا على حسب الحجم الواجب وأهميته، لكن الرغبة عن السنة -أعني: تركها زهداً فيها- لا شك أنه كبيرة، يعني: لو قيل: لماذا لم تفعلها؟ قال: لا أريد أن أفعلها هذه ليست بشيء، ويقع في نفسه شيء من الزّهد فيها.
ومن فوائد الحديث: أن من اشتد تمسكه بالسُنة فهو من الرسول (صلى الله عليه وسلم)، لكن منه حسا أو
معنى؟ معنى، بمعني: أنه تابع له تمام الاتباع، فكلما تمسكت بسنة الرسول (صلى الله عليه وسلم) كنت أولى الناس به، ويشهد لهذا قوله تعالى:{إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ}[آل عمران: ٦٨].
ومن فوائد الحديث: أن السنة تطلق على الطريقة، فتشمل الواجب والمستحب، ما تقولون فيمن ترك الزواج رغبة عن السنة؟ يكون آثمًا، نعم وفاعلاً لكبيرة، أما من تركه وحشة منه وهيبة فإن هذا لا يكون قد أتى كبيرة، ومن تركه خوفا من الفقر نقول هذا سوء ظن بالله؛ لأنه ما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها، فأنت إذا تزوجت فتح الله لك باب رزق يكون رزقا لزوجتك وليس الزواج سببًا للفقر.
[الحث على تزوج الولود الودود]
٩٢٦ - وعنه (رضي الله عنه) قال: «كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يأمرنا بالباءة، وينهى عن التبتل نهيًا شديدًا، ويوقل: تزوجوا الولود الودود. فإني مكاثر بكم الأنبياء يوم القيامة». رواه أحمد، وصححه ابن حِبان.
- وله شاهد عند أبي داود، والنسائي، وابن حِبان أيضًا من حديث معقل بن يسار.
قوله:«عنه»، أي: عن أنس، وقوله:«كانّ»، يقول الأصوليون: إن «كان» كان خبرها فعلا