إلى النفس ومات الجاني فإنه لا ضمان على المجني منه وذلك لأن اقتصاص فعل جائز شرعًا وما ترتب على المأذون فليس بمضمون، وهذه قاعدة مفيدة إلا في هذه المسألة وهي ما إذا اقتص قبل البرء فإن سراية الجناية لا تكون مضمونة.
ومن فوائد الحديث: بيان الآثار السيئة التي تترتب على معصية الشرع وذلك أن هذا الرجل تعجل وعصى النبي صلى الله عليه وسلم فكانت آثار معصيته سيئة حيث إنه بطل عرجه، ولو أنه انتظر حتى يبرأ لكان أسلم له لأنه إذا برأ عرف منتهى هذه الجناية واقتص منه بحسبها.
ومن فوائد الحديث: حكمة النبي صلى الله عليه وسلم في تأخير القصاص حتى يبرأ وما هي الحكمة؟ هي أننا ننظر هل تسري هذه الجناية؟ لأنها قبل البرء مجهولة قد تسري وقد لا تسري فهذا كان من الحكمة أن يؤجل حتى يبرأ أو حتى تسري الجناية ويؤخذ بحسبها.
[الجناية على الحمل]
١١٢٢ - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال:"اقتتلت امرأتان من هذيٍل، فرمت إحداهما الأخرى بحجٍر، فقتلتها وما في بطنها، فاختصموا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنَّ دية جنينها. غرَّةٌ؛ عبٌد أو وليدٌة، وقضى بدية المرأة على عاقلتها، وورَّثها ولدها ومن معهم، فقال حمل بن النَّابغة الهذليُّ: يا رسول الله، كيف يغرم من لا شرب، ولا أكل، ولا نطق، ولا استهلَّ، فمثل ذلك يطلُّ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنما هذا من إخوان الكهَّان؛ من أجل سجعه الَّذي سجع". متَّفٌق عليه.
قوله:"اقتتلت" مأخوذ من الاقتتال وهو المضاربة وما أشبه ذلك، "فقتلت المرأة" المضروبة "وما في بطنها" فإن الجنين خرج ميتًا فرفعوا إلى الرسول صلى الله عليه وسلم الخصومة في هذه القضية لأن النبي صلى الله عليه وسلم هو الحاكم بشريعة الله- سبحانه وتعالى-، والجنين هو الحمل وسمِّي بذلك لأنه مجتٍن أي مستتر في بطن أمه فلذلك سمِّي جنينا قال الله تعالى:{وإذ أنتم أجنٌة في بطون أمهاتكم}، أي جمع جنين وكل شيء مستتر فإنه يسمى بهذا الاسم أجنة والجن مستترون والجنة: البستان الكثير الأشجار لأنه يستر من فيه والجنة التي يتترس بها المقاتل عند القتال لأنها تسترها يقول: "إن دية الجنين غرة عبد أو وليدة"، "عبد" عطف بيان لغرة، والغرة في الأصل هي البياض في مقدم الفرس وتطلق الغرة على العبيد والإماء لأنهما غرة المال وأفضل المال فهم أفضل من الإبل