١١٥ - وعنها رضي الله عنها قالت:"كنت أغتسل أنا ورسول الله صلى الله عليه سلم من إناء واحد، تختلف أيدينا فيه من الجنابة"". متفق عليه. وزاد ابن حبان: "وتلتقي أيدينا".
"كنت أغتسل أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم من إناء واحد" يعني: بالاغتراف، "تختلف أيدنا فيه".
يعني: أنه يكون قد مزع يدع وفيها الماء، وهي نزلت يدها لتغترف، وقولها: "من الجنابة" متعلق ب"يغتسل"، يعني: نغتسل من الجنابة، وليس غسلا يتبرد به بل هو غسل عن حدث.
ففي هذا الحديث من الفوائد: ما سبق من صراحة نساء الصحابة - رضي الله عنهن-، وأنهن يبين الحق، ولو كان مما يستحيا منه.
ومنها: جواز اغتسال الرجل مع امرأته. فإن قال قائل: لماذا لا يجعلونه سنة؟ قلنا: هذا لا يظهر فيه أثر التعبد، والظاهر أنه من قسم المباح، نعم إذا كان يؤدي إلى قوة المحبة والمودة والائتلاف قلنا: إنه يسن من أجل هذا الغرض النبيل؛ لأنه إذا ارتفعت الكلفة بين الزوجين إلى هذا الحد فإن المودة سوف تزداد وتقوى.
ومنها جواز تعري الزوجين بعضهما عند بعض؛ لأن الاغتسال لابد فيه من التعري، وقد قال الله - تبارك وتعالى-: {والذين هم لفروجهم حفظون إلا على أزوجهم أو ما ملكت أيمنهم فإنهم غير ملومين}[المؤمنون: ٥، ٦]. وهذا جائز عند الاغتسال، وجائز أيضا في الفراش، وأما ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا تجردا تجرد العيرين". فهذا إن صح فالمراد أن يفعلا ذلك وهما مكشوفان، وأما إذا كانا عليهما اللحاف فلا بأس بذلك.
ومن فوائد هذا الحديث: جواز اغتراف الجنب من الماء ليتطهر به.
ومن فوائده: أن الماء المستعمل أو الماء الذي تغمس فيه اليد التي فيها الحدث لا يكون طاهرا، بل هو طهور وإلا لارتفعت الطهورية من أول مرة غمس فيه يده، وهذا القول هو الراجح أن الماء المستعمل في طهارة باق على طهوريته ولا يفتقده ذلك الاستعمال الطهورية؛ لأنه لا دليل على أن الماء ينتقل من وصف الطهورية إلى وصف الطاهر غير مطهر، وإذا لم يكن دليل فالأصل بقاء ما كان على ما كان.