عنها:{أومن ينشؤا في الحلية وهو في الخصام غير مبين}[الزخرف: ١٨] كان ذكر الخصومة في جانبها لا حاجة له، وقوله:"الألد" يعني: الصعب الذي كلما ذكرت له شيئاً حملة على محمل أخر، أو قال: نعم هذا صحيح لكن ربما، فهذا الألد مأخوذ من لدودة الوادي؛ أي: جانبية؛ لأنه كلما حملته على جانب حوله الى جانب آخر و "الخصم" يعني: الذي يخصم غيره لكن بالباطل، وأما الذي يخصم غيره بحق فهذا حق وليس مبغوضاً الى الله عز وجل، وهذا يقع كثيراً خصوصاً فيمن أعجبوا بأنفسهم ورأوا أنهم أصحاب الرأي والعقل والعلم، فتجدهم إذا حاجهم أحد في ذلك جعلوا يأتون بالأشياء البعيدة والاحتمالات البعيدة من أجل إقحام الخصم والانتصار لأنفسهم.
ففي هذا الحديث فوائد: أولاً: إثبات البغض لله عز وجل، وأن بغض الله تعالي يتفاوت لقوله:"أبغض"، وقد مر علينا أن البغضاء ثابتة لله تعالى بالكتاب والسنة، ومنه:{كبر مقتاعند الله أن تقولوا ما لا تفعلون}[الصف: ٣].
ومنها: أن الأعمال السيئة تتفاوت بالقبح لقوله: "أبغض" كما أن الأعمال الصالحة تتفاوت في الحسن والمحبة.
ومن فوائد الحديث: أن اللدود الخصم مكروه عند الله، وهذا يقتضي أن يكون الاتصاف بهذه الصفة حراماً.
فإن قال قائل: إذا كان هذا يحاج لإثبات الحق وإبطال الباطل؟
قلنا: هذا محبوب عند الله، وليس هذا ممن يتصف بهذه الصفة. لأنه ليس ألد خصم، ولكنة يريد الوصول الى الحق.
[٥ - باب الترغيب في مكارم الأخلاق]
أردف هذا الباب بما قبلة؛ لأن الأولى تقديم التخلية على التحلية. بمعنى: أن ننظف المكان ثم نأتي بالصفات الطيبة، فليتخلى الإنسان أولاً عن مساوئ الأخلاق ثم بعد ذلك يتحلى بالمكارم حتى ترد المكارم على محل خالٍ من المساوئ.
[الترغيب في الصدق]
١٤٥٧ - عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «عليكم بالصدق فإن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة، وما يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق، حتى يكتب عند