للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لولاة الأمور بأنه ينوي بذلك ولي الأمر الصغير والكبير لا ينوي شيئًا معيدًا؛ لأن ولاة الأمور كما تشمل أعلى مسئول في الدولة كذلك تكون فيمن دونه من وزرائه، وأمرائه، ورؤساء الأقسام ومدرائها، وغير ذلك؛ لأن هؤلاء في الحقيقة هم الذين يسيرون دفة الدولة ليس خاصًا بالرئيس الأعلى بالدولة فهو قد لا يعرض عليه إلا المسائل الكبار التي تحتاج إلى نظر، أما المسائل الأخرى التي قد تكون أشد ضررًا أو أشد نفعًا فقد تكون فيمن دونه؛ ولهذا ينبغي للخطيب إذا دعا لولاة الأمور أن يصرح بأن يقول مثلًا: صغيرهم وكبيرهم وما أشبه ذلك، أو أن يأتي بما يشعر أن المراد بالولاة العموم حتى لا يذهب ذهن المؤمن إلى أن المراد بولاة الأمور هم السلطة العليا في الدولة.

[حكم قراءة آيات من القرآن في الخطبة]

٤٤٥ - وعن جابر بن سمرة رضي الله عنه: "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في الخطبة يقرأ الآيات من القرآن، يذكر الناس". رواه أبو داود، وأصله في مسلم.

قوله: "كان في الخطبة يقرأ آيات من القرآن" الكلام على "كان" تقدم، وقوله: "يقرأ آيات من القرآن" "آيات" مكسورة لأنه جمع مؤنث سالم فينصب بالكسرة نيابة عن الفتحة، يقول: "يقرأ آيات من القرآن يذكر الناس"، وقال: "أصله في مسلم" سبق أن أم هشام قالت: "ما حفظت ق والقرآن المجيد إلا من لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب بها يوم الجمعة". ولعل المؤلف يشير إلى ذلك.

وهذا الحديث الذي نحن بصدده يدل على أن الرسول صلى الله عليه سولم يخطب ويجعل في الخطبة الآيات وليس يقتصر على الآيات فقط، بل كان يخطب ويقرأ آيات، هذه الآيات ينبغي أن تكون مناسبة لموضوع الخطبة؛ لأن وحدة الموضوع في الكلام لها شأن كبير في انضباط الفهم، إذا إننا لو شتتنا الموضوع تشتت ذهن السامع، وكانت استفادته أقل، فإذا كانت الآيات مناسبة لموضوع الخطبة كان أحسن وأولى لأجل ألا تتشتت الأذهان، وأما قول بعض المتأخرين إنه ينبغي أن تكون الآيات التي تقرأ في الصلاة مناسبة لموضوع الخطبة، فإن هذا لا أصل له، وذلك لأن القراءة في الصلاة معينة من قبل النبي - عليه الصلاة والسلام - فتارة يقرأ الجمعة والمنافقون، وتارة يقرأ سبح والغاشية.

<<  <  ج: ص:  >  >>