ومنها: جواز الزيادة في بيع التقسيط، وجهه: أن هذه الزيادة في مقابلة الأجل، وهذا أمر لا يشبه على أحد، حتى إن شيخ الإسلام ابن تيمية نقل إجماع العلماء على جواز بيع التقسيط إذا كان قصد المشتري السلعة بخلاف ما إذا كان قصده المال فقد عرفتم أنه من باب التورط وأنه يرى تحريمه، لكن إذا كان قصده السلعة فلا بأس أن يأخذها مؤجلة بزيادة، وهذا هو الموافق للفطر، إذ لا يمكن لأي إنسان أن يبيع شيئاً بثمن مؤجل كئمنه إذا كان نقداً، هذا مستحيل، اللهم إلا محاباة للمشتري لقرابة أو صداقة أو ما أشبه ذلك، وأما البيع المعتاد فإنه لا يمكن أن يبيع شخص سلعة تساوي مائة الآن بمائة بعد سنة، لابد أن يأخذ على هذا التأجيل مقابلاً وليس هذا من باب الربا في شيء، بل هو من باب الأمر الجائز. هل يجوز بيع البعير بثلاثة أبعرة؟ يجوز؛ لأنه إذا جاز البعيرين جاز الثلاثة والأربعة، ويدل على انه لا ربا في بيع الحيوان- بيع بعضه ببعض- وعلى هذا فتجوز الزيادة.
ما رأيكم لو عامل الإنسان معاملة فجاء شخص وقال له: ما دليلك على الجواز، هل طلب الدليل هنا صحيح؟ طلب الدليل هنا في غير محله، نقول له: الدليل عدم الدليل؛ لان الأصل في المعاملات الحل حتى يقوم دليل على المنع.
[المزابنة]
٨٠٩ - وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال:"نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المزابنة؛ أن يبيع ثمر حائطه إن كان نخلاً بتمر كيلاً، وإن كان كرماً أن يبيعه بزبيب كيلاً، وإن كان زرعاً أن يبيعه بكيل طعام، نهى عن ذلك كله" متفق عليه.
"المزابنة" مفاعله، وهذه الصيغة تدل على الاشتراك في الغالب، الغالب أن المفاعلة تدل على اشتراك بين اثنين وأكثر كالمقاتلة والمجاهدة والمغارسة والمساقاة وقد لا تدل على الاشتراك كالمسافرة يقال: سافر الرجل مسافرة وهو واحد ليس له طرف آخر، المزابنة من الأفعال المشتركة، وهي مأخوذة من الزبن وهو الدفع، فهي مبايعة بين شخصين، لكنها خصت بنوع خاص من البيوع وإلا فإن جميع البيوع فيها مزابنة؛ لأنها من الدفع، فالبائع يدفع السلعة والمشتري يدفع الثمن، ولكنها خصت بنوع معين من البيوع، ولا مانع من أن نخصص المعنى العام في شيء من أفراده.
المزابنة فسرها بقوله:"أن يبيع ثمر حائطة"، و"أن" هنا مصدرية، إما أن يكون في محل جر