للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد يقول قائل: هل النهي للكراهة أو للتحريم؟

نقول: إن كون الناس يضربون على ذلك يدل على التحريم وأنه لا يجوز.

بقى علينا أن نقول: القبض كيف يكون؟ نقول: من الأشياء ما لا يمكن نقله فهذا قبضه بتخلي البائع عنه، لو باع عليه أرضًا هل نقول: لا تبع الأرض حتى تحوزها إلى رحلك؟ هذا لا يمكن، إذن كيف يقبضها بالتخلي عنها؟ نقول: هذه أرضك خذها، إذا باعه دارًا يقبضها المشتري بالتخلية وتسليم المفتاح، إذا باع شيئًا منقولًا فقبضه بنقله، فإن احتيج إلى عدٍّ أو ذرع أو كيل أو وزن فليضف إلى القبض، فلو باع عليك مثلًا هذا الكيس من البرّ كل صاع بدرهم وحملت الكيس إلى بيتك لا يكفي هذا بل لا بد من كيله، لقوله في هذا الحديث: "حتى يكتاله"، إذن ما يحتاج إلى توفية بعد أو ذرع أو كيل أو وزن فإنه يضاف إلى قبضه، اشتراط التوفية يعني: الاستيفاء، ولهذا في بعض الألفاظ في حديث ابن عباس: "حتى يستوفيه"؛ لأنه إذا استوفاه انقطعت علق البائع الأول عنه نهائيًّا ولم يبق له فيه أي تعلق.

من فوائد الحديث: تحريم بيع الطعام إذا بيع بكيل حتى يكتال.

ومن الفوائد: أن غير الطعام مثله بالقياس.

ومن فوائد الحديث: أن الشارع له نظر في إبعاد الناس عن كل معاملة يمكن أن يحصل فيها نزاع؛ ولهذا نهى عن بيع هذا الشيء حتى تنقطع علق البائع الأول عنه نهائيًّا لئلا يحصل النزاع.

ومن فوائده: أن الإنسان لا يتصرف في الشيء حتى تكون قبضته عليه على وجه تام؛ يعني: حتى يكون في قبضته لئلا تخلف المسألة فيقع في حرج، ولهذه الفائدة مسألة في الحديث الذي بعده حديث عمرو بن شعيب رضي الله عنه.

[النهى عن بيعتين في بيعة]

٧٦٦ - وعنه رضي الله عنه قال: "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيعتين في بيعةٍ". رواه أحمد، والنَّسائيُّ، وصحَّحه التِّرمذيُّ، وابن حبَّان.

- ولأبي داود: "من باع بيعتين في بيعةٍ فله أوكسهما أو الرِّبا".

الحديث الأول معناه: أنه لا يجوز لإنسان أن يبيع بيعتين في بيعة؛ أي: في صفقة واحدة، ولننظر هل هذا ظاهر المراد، لو قلت: بعتك هذا الشيء على أن تشتري مني الشيء الآخر، هذا

<<  <  ج: ص:  >  >>