ولكن بالنسبة لمن وقع عليه النَّجش فهل شراؤه صحيح؟ نعم صحيح، ولكن هل له الخيار؟ الجواب: نعم، إذا زاد الثمن عن العادة فله الخيار، مثاله: نجش زيد على عمرو، كانت السلعة لولا النَّجش تساوي عشرة، وبالنجش لم يأخذها عمرو إلا بخمسة عشر، نقول: البيع صحيح، ولكن إذا تبين أن فيه نجشًا فإن للمشتري - وهو عمرو - الخيار بين أن يرد السلعة ويأخذ الثمن أو يبقيها بثمنها الذي استقر عليه العقد، لان البائع يقول: ما ذنبي ليس لي ذنب، إما أن تعطوني سلعتي أو الدراهم كلها، لو أن إنسانًا زاد في السلعة رغبة فيها بناء على أن ثمنها قليل وأنه يُؤمل الربح، لكن لما ارتفع تركها، فهل هذا من النَّجش؟ ليس هذا بنجش؛ لأنه ما قصد إضرار غيره ولا نفع البائع على حساب المشتري، وإنما رأى أن هذه السلعة رخيصة، فلما ارتفع ثمنها تركها فهذا ليس من النَّجش، وهذا يقع كثيرًا تجد إنسانًا يسُوم السلعة ويزيد فيها بناء على أنها رخيصة، فإذا ارتفعت قيمتها تركها فهذا لا بأس به.
هل من النَّجش أن يزيد الشريك فيما هو شريك فيه وهو يريد نصيب صاحبه؟ ليس من النَّجش، فإذا قال قائل: هو يزيد لنفسه، فالجواب: ليس يزيد لنفسه، بل هو يزيد على نفسه بالنسبة لنصيب شريكه، أما بالنسبة لنصيبه فهو ملكه لا يحتاج أن يقع عليه العقد، فحينئذ لا يصح أن نقول: إنه زاد لنفسه، وعلى هذا فيجوز لأحد الشركاء أن يزيد في السلعة المشتركة، ولا يُعد هذا من النًّجش.
[النهي عن المحاقلة والمزابنة وما أشبهها]
٧٧٢ - وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه:"أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن المحاقلة، والمزابنة، والمخابرة، وعن الثُنيا إلا أن تُعلم ".رواه الخمسة إلا ابن ماجه، وصححه الترمذي.
قال:"نهى عن المحاقلة" النهي قال العلماء: هو طلب الكف على وجه الاستعلاء، يعني: أن يطلب منك الناهي شيئًا لتكف عنه على وجه الاستعلاء، فإن كان على وجه الاستجداء فهو سؤال ودعاء، وإن كان على وجه الالتماس، فهو التماس، ولهذا قالوا: إن كان من أعلى إلى أدنى فهو نهي، ومن أدنى إلى أعلى فهو سؤال، ومن مماثل لمماثل فهو التماس، "نهى"، النهي هنا طلب الكف على وجه الاستعلاء، يعني: أن النبي صلى الله عليه وسلم طلب منا أن نكف عن هذه الأشياء.
أولًا:"المحاقلة" مفاعلة من الحقل وهو الزرع أو مكان الزرع، كما قال رافع بن خديج: كنا أكثر الأنصار حقلًا، فهو الزرع أو مكان الزرع، وكما تعلمون أن المحاقلة مفاعلة تدل على اشتراك