يفطر، يقولون: لو أن الإنسان وطئ على حنظلة- شيء كالتفاح لكنه شديد المرارة- إذا وطئت عليه برجلك تحسُّ طعمه في حلقك، وقال العلماء: إن هذا لا يفطر ولو وجد طعمه في حلقه؛ لماذا؟ قالوا: لأن الرَّجل ليست منفذًا معتادًا، إنما دخل مع المسام حتى وصل إلى الحلق، فالمهم: حتى ولو لم يصح هذا الحديث فإن الأصل الإباحة، إلا ما قام عليه الدليل.
حكم من أكل أو شرب ناسيًا وهو صائم:
٦٣٨ - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من نسي وهو صائمٌ، فأكل أو شرب، فليتمَّ صومه، فإنَّما أطعمه الله وسقاه". متَّفقٌ عليه.
- وللحاكم:"من أفطر في رمضان ناسيًا فلا قضاء عليه ولا كفَّارة". وهو صحيحٌ.
أولًا: قال: "من نسي وهو صائم""من" شرطية بمنزلة إذا نسي، وقوله:"فليتم" هذا جواب الشرط، واقترن بالفاء؛ لأنه طلب، وقد قيل فيما يجب اقترانه بالفاء من جواب الشرط:
اسميةٌ طلبيةٌ وبجامد ... وبما وقد وبلن وبالتَّنفيس
وقوله:"فليتم" مجزوم بالفتحة نيابة عن السكون، ولالتقاء الساكنين حركت الميم، وقوله:"فليتم" اللام لام الأمر، والأمر هنا للوجوب، أو الاستحباب، أو الإباحة؟ إذا كان المقصود بالأمر رفع توهم الفطر فهو للإباحة- إباحة الإتمام-؛ يعني: ولا تفطر.
ثانيًا: إذا كان الصوم تطوعًا وليس المقصود رفع التوهم فهي للاستحباب، إذا كان واجبًا وليست لدفع التوهم فهي للوجوب، والقرائن معروفة.
قوله صلى الله عليه وسلم:"من نسي وهو صائم" الجملة حالية كما هو معلوم، "نسي"، ما معنى النسيان؟ قال العلماء: إن النسيان ذهول القلب عن شيء معلوم عنده، أما عدم العلم فهو جهل. إذن النسيان وارد على العلم، لا نسيان إلا بعد علم، ولهذا قيل: آفة العلم النسيان، "نسي" يعني: ذهل قلبه عن الصوم- هذا واحد-، "نسي" ذهل قلبه عن كون هذا الشيء مفطرًا؛ لأنه قد ينسى أنه صائم، وقد ينسى أن هذا الشيء مفطر، هذا كله واقع، فهو إما أن ينسى حاله أو ينسى حكم ما تناوله من أكل أو شرب، وهذا نسيان للحكم، وكلا الأمرين داخل في قوله صلى الله عليه وسلم:"من نسي وهو صائم"، وقوله:"فأكل أو شرب" هذا ليس على سبيل الحصر، ولكن على سبيل المثال، ومثَّل بالأكل والشرب؛ لأنهما أكثر تناولًا من غيرهما؛ إذ إن الجماع في غير المتزوج غير وارد، وفي المتزوج وارد، لكنه قليل بالنسبة للأكل والشرب اللهم إلا في أحوال نادرة، هذا شيء يمكن.