للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النهي؛ ولأنه إذا تمسح باليمين تلوثت اليمين بالنجاسة، واليمين لها الكرامة والبعد عن هذا الشيء، ولهذا كان الاستنثار وهو ليس نجسا باليسار، ومن العلماء من قال: إن النهي للكراهة؛ لأن من باب الأدب والورع أن يتجنب الإنسان هذا إلا للحاجة.

ومن فوائد هذا الحديث: النهي عن التنفس في الإناء لقوله: "ولا يتنفس في الإناء"، وظاهر الحديث أنه لا فرق بين أن يكون هذا الإناء يشرب منه غيره أو لا يشرب؛ لأنه مطلق "ولا يتنفس في الإناء".

فإن قال قائل: وإذا اضطر الإنسان إلى التنفس إما لكونه قصير النفس، أو لكونه يحتاج إلى شرب ماء كثير لا يدركه بنفس واحد؟

قلنا: يفصل الإناء ويتنفس، والسنة أن يتنفس في الشراب ثلاث مرات، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن هذا أهنأ وأبرأ وأمرأ". ثم قال المؤلف:

[النهي عن الاستنجاء باليمين]

٨٩ - وعن سليمان رضي الله عنه قال: "لقد نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نستقبل القبلة بغائط أو بول، أو أن نستنجي باليمين، أو أن نستنجي بأقل من ثلاثة أحجار، أو أن نستنجي برجيع أو عظم". رواه مسلم.

سلمان الفارسي قال ذلك ردا على رجل من المشركين، قال هذا الرجل: إن نبيكم علمكم حتى الخراءة، يعني: حتى آداب الخراءة، فقال له: أجل علمنا حتى هذا.

قوله: "نهانا"، قال العلماء: والنهي طلب الكف على وجه الاستعلاء، أي: أن الناهي يشعر بأن له السلطة وله القول على من وجهه النهي إليه، وقوله: "أن نستقبل بغائط أو بول" يعني: أن يجلس الإنسان على بوله أو على غائطه، والقبلة أمامه، وذلك تكريما للقبلة؛ لأن القبلة محل التكريم، ومحل اتجاه العبادة إلى الله تعالى في أشرف العبادات من بعد الشهادتين؛ فلذلك يجب أن تكرم.

وقوله: "أو أن نستنجي باليمين" يعني: ونهانا أن نستنجي باليمين، وهذا كالأول الذي فيه: "ولا يتمسح من الخلاء باليمين"، والاستنجاء إزالة النجس وهو العذرة.

وقوله: "أو أن نستنجي بأقل من ثلاثة أحجار" يعني: ونهانا أن نقتصر على حجرين، أو على حجر واحد، وقوله: أو أن نستنجي" يفيد أنه فيما إذا كان الخارج ذا بلل، وأما إذا كان الخارج يابسا- أحيانا يكون الخارج يابسا، ولا يتلوث المحل إطلاقا- فإنه لا يدخل في الحديث؛

<<  <  ج: ص:  >  >>